قلت: المحفوظ من حديث الحسن بن مسلم: عن طاووس مرسلاً، ليس فيه ابن عباس؛ هكذا رواه عنه: اثنان من ثقات أصحابه، وأهل بلده، وهكذا رواه عن ابن جريج ثلاثة، فيهم راويته، وأحد أثبت الناس فيه: عبد الرزاق.
وقال البيهقي: «هذا مرسل، وقد روي موصولاً».
قال الشافعي: «ولو اتصل حديث طاووس؛ أنه لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد فيما وهب لولده، لزعمت أن من وهب هبة لمن يستثيبه مثله أو لا يستثيبه، وقبضت الهبة، لم يكن للواهب أن يرجع في هبته وإن لم يثبه الموهوب له، والله أعلم» [اختلاف الحديث. المعرفة].
قال البيهقي في المعرفة (٩/ ٦٦): «قد قطع الشافعي القول برجوع الوالد فيما وهب لولده بحديث النعمان بن بشير، وقول النبي ﷺ: «فارجعه»، ثم قال البيهقي: «وهذا الذي ذكره هاهنا إنما هو في رجوع غيره، وهذا الحديث إنما يروى موصولاً من جهة عمرو بن شعيب، وعمرو: ثقة»».
• وانظر أيضاً في الأوهام على ابن جريج: المدونة (٤/ ٤١١).
• ورواه حماد بن زيد [ثقة ثبت]، عن عمرو بن دينار [ثقة ثبت]، عن طاووس، قال: قال رسول الله ﷺ: «العائد في هبته كالعائد في قيئه».
أخرجه مسدد في مسنده (٣/ ٤٠٠/ ٢٩٧٨ - إتحاف الخيرة).
وهذا مرسل بإسناد صحيح رجاله رجال الشيخين.
• لكن رواه: عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح [وهما: ثقتان، من كبار الحفاظ المتقنين]:
عن حنظلة؛ أنه سمع طاووساً، يقول: أخبرنا بعض من أدرك النبي ﷺ؛ أنه قال: «مثل الذي يهب فيرجع في هبته؛ كمثل الكلب يأكل فيقيء، ثم يأكل قيئه».
أخرجه النسائي في المجتبى (٦/ ٢٦٨/ ٣٧٠٥)، وفي الكبرى (٦/ ١٨٣/ ٦٥٠٠)، وابن أبي شيبة (٤/ ٤٢١/ ٢١٧١٥). [التحفة (٤/ ٤٣٧/ ٥٧٥٥)، المسند المصنف (١٢/ ٤٦٢/ ٦٠٦٤)].
قلت: حنظلة بن أبي سفيان الجمحي المكي: ثقة حجة [التهذيب (١/ ٥٠٤)].
وهذا متصل، وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، لكنه أبهم الصحابي، وإبهام الصحابي هنا لا يضر من وجهين: الأول: أن طاووساً سمعه من الصحابي، وقد شهد له بالصحبة، والثاني: أن هذا الحديث مشتهر عن ابن عباس، قد رواه عنه: سعيد بن المسيب، وعكرمة؛ فضلاً عن مجيئه عن طاووس من وجه صحيح ثابت؛ أنه سمعه من ابن عباس.
• فقد جاء في رواية وهيب بن خالد ما يزيل هذا الإشكال، ويعين المبهم في رواية الثقات، ويبين أن طاووساً إنما سمعه من ابن عباس: