قال الطبراني:«لم يرو هذا الحديث عن عاصم إلا محمد بن فضيل، تفرد به محمد بن طريف، ولا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد».
قلت: وهذا اضطراب ظاهر من محمد بن طريف، فلم يضبط إسناده، ولا متنه، وخلط فيه، وقد رجح البخاري والدارقطني المرسل؛ فهو حديث ضعيف؛ لإرساله، والله أعلم.
• قلت: كما قد روي موقوفاً أيضاً:
فقد رواه علي بن مسهر [ثقة]، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: إذا جاءك المصدق فقال: أخرج صدقتك، فأخرجها، فإن قبل فبها ونعمت، فإن أبي فول ظهرك، وقل: اللهم إني أحتسب عندك ما يأخذ مني، ولا تلعنه. موقوف.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٥٤/ ٩٨٣٧).
وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح، ولا يصح رفعه.
وقد روي في إرضاء المصدق آثار عن الصحابة، انظر: ما أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١١٠٢ - ١١٠٥)، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٥٤/ ٩٨٣٥ - ٩٨٣٨)، وابن زنجويه في الأموال (١٥٧٨ - ١٥٨٤)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (٣/ ٢٣٩/ ٥٩٢).
• قال البيهقي بعد حديث أبي هريرة:«وفي هذا كالدلالة على أنه رأى الصبر على تعديهم، وكذلك في حديث جابر بن عتيك عن النبي ﷺ: «خلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها»، وقد مضى في باب الاختيار في دفع الصدقة إلى الوالي، وقد روي عن النبي ﷺ أخبار كثيرة في الصبر على ظلم الولاة، وذلك محمول على أنه أمر بالصبر عليه إذا علم أنه لا يلحقه غوث، وأن من ولاه لا يقبض على يديه، فإذا كان يمكنه الدفع أو كان يرجو غوثاً؛ … »، فاحتج بحديث أم سلمة، وفيه:«من أدى زكاة ماله طيب النفس بها، يريد وجه الله والدار الآخرة، لم يغيب شيئاً من ماله، وأقام الصلاة، ثم أدى الزكاة؛ فتعدى عليه الحق، فأخذ سلاحه فقاتل فقتل، فهو شهيد» [وهو حديث حسن، تقدم تحت الحديث رقم (١٥٨٥)].
فجمع بين أحاديث الباب بتقديم الصبر عند عدم القدرة على دفع الضرر عن نفسه؛ فإن قدر فله أن يمنع ماله من أن يؤخذ ظلماً وعدواناً، وقد سبق بيان ذلك تحت حديث أنس مرفوعاً:«المعتدي في الصدقة كمانعها»، والذي تقدم برقم (١٥٨٥)، عند الكلام عما روي في اعتداء المصدِّق.
كما يمكن الجمع بين حديث جرير بن عبد الله البجلي مرفوعاً:«أرضوا مصدّقيكم»، وبين حديث أنس بن مالك ﵁ قال: بعثني أبو بكر الصديق له إلى البحرين فكتب لي هذا الكتاب، وفيه:«فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئل فوقها فلا يُعطه» [وهو حديث صحيح، تقدم برقم (١٥٦٧)، وهو عند البخاري برقم (١٤٥٤)]، وحديث أم سلمة، وفيه: من أدى زكاة ماله طيب النفس بها، يريد وجه الله