«وعبد الرحمن بن جابر، هذا هو عندي عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، ولكن هكذا حدثنا محمد بن معمر، ولا نعلم روى عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، عن جابر إلا هذا الحديث».
ففي كلام البزار هذا، أن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، يروي عن جابر بن عبد الله.
فأما قوله في إسناد حديث أبي داود: عن أبيه جابر بن عتيك؛ فشيء لا يعرف.
وفي كلام البزار أيضاً شيء آخر، وذلك أن هذا الحديث الذي هو:«إذا حدث الرجل بالحديث، ثم التفت فهي أمانة»، إنما ساقه أبو داود في كتابه من رواية عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عبد الله.
وعبد الملك بن جابر بن عتيك: مدني ثقة، وأما عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، فقد روى عن أبيه أحاديث، وروى عنه طالب بن حبيب، وخارجة السلمي، وأخرج له البخاري ومسلم، وقال فيه الكوفي: مدني، تابعي، ثقة.
ولما رأى أبو محمد عبد الحق أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قد أهمله من ذكر الجرح والتعديل، ظن أنه مجهول الحال، فقال ما قدمناه عنه من أنه لا يحتج به، ونقض في ذلك أصله، فيمن يروي عنه أكثر من واحد، أنه يحتج به ما لم يجرح.
فإذن هذا الحديث الذي ذكر البزار، ليس علته ما ذكر، وإنما علته: الجهل بحال خارجة السلمي. وأما حديث جابر بن عتيك الذي ذكر أبو داود: فعلته الجهل بحال عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، وبحال صخر بن إسحاق».
وقال ابن المواق في بغية النقاد النقلة (١/ ٣٠٧/ ١٤٩) متعقباً ابن القطان: «وبقي عليه أن يبين أيهما أصوب إسناداً، هل ما ذكره أبو داود، أو ما ذكره البزار؟ وكلامه على هذا الحديث حسن إلا أن هذا القدر أغفله؛ وهو وكيد، فذكرته لإكمال الفائدة عندي فيه.
فأقول: روى هذا الحديث أبو داود عن عباس بن عبد العظيم العنبري ومحمد بن المثنى، عن بشر بن عمر الزهراني، عن أبي الغصن - وهو ثابت بن قيس -، فقال ما تقدم ذكره من عند أبي داود، وخالفه جماعة في إسناده؛ رووه عن ثابت أبي الغصن، عن خارجة بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، منهم: أبو عامر الخزاز صالح بن رستم [قلت: إنما هو أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو]، وخالد بن مخلد القطواني، وإسحاق بن محمد الفروي، وإسماعيل بن أبي أويس [قلت: رواية إسماعيل عند ابن أبي خيثمة (٢/ ٣٣٧/ ٣٢٤١ - السفر الثالث)، ليس فيها تمام الإسناد، ولا طرف الحديث؛ فلا ندري أي حديث رواه عن ثابت، ولا من شيخه فيه؟]، فكان القول ما قالت الجماعة، لا ما انفرد به واحد شذ عنها، ولم يقم إسناد الحديث؛ إذ ذكر فيه راويين غير معروفين في نقلة الحديث؛ وهما: صخر بن إسحاق، وعبد الرحمن بن جابر بن عتيك، ثم جعل الحديث من مسند جابر بن عتيك؛ وذلك كله بين الوهم.