عبد الله بن سالم عند آل عمرو بن الحارث، ومن قبلهم عند عمرو بن الحارث نفسه؛ حيث ورثوه عنه، ولو كان كتاب عبد الله بن سالم محفوظاً عند أهله؛ لكان أدعى لأن يكون محفوظاً عن الزيادة والنقصان؛ فإن أهل بيت الرجل يكون لهم عناية بحفظ كتاب أبيهم، بخلاف ما لو كان عند رجل آخر لم يكن موصوفاً بالأمانة في النقل، ولا زكاه أهل بلده، إنما انفرد بتعديله ابن حبان، والله أعلم.
وقد روى أبو داود قبل ذلك حديثاً بنحو هذا الإسناد عن الزبيدي؛ لكن قال فيه:«حدثنا محمد بن عوف، قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث - يعني: الحمصي -، عن عبد الله بن سالم عن الزُّبيدي، عن محمد بن مسلم، … »؛ يعني: الزهري، وهو حديث غريب من حديث الزبيدي، راجع: فضل الرحيم الودود (١٢/ ٢٧٦/ ١١٦٣).
ثم إن هذا الحديث في سنده انقطاع، فإن يحيى بن جابر الطائي، أبا عمرو الحمصي [ثقة، من السادسة]: كان كثير الإرسال، وكانت وفاته سنة (١٢٦)، وجبير بن نفير مات سنة (٨٠)، وقيل: بعدها، فيكون بين وفاتيهما قرابة (٤٥) سنة، ولا يُعرف له سماع من جبير بن نفير، إنما يروي عنه بواسطة ابنه عبد الرحمن بن جبير، وقد علل ابن أبي حاتم في «العلل» عدم سماع يحيى بن جابر من النواس بن سمعان، بقوله:«ويحيى بن جابر كان قاضي حمص، يروي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس» [انظر مثلاً: مسند أحمد (٤/ ١٨١)، صحيح مسلم (٢٩٣٧)، سنن أبي داود (٤٣٢١)، سنن ابن ماجه (٤٠٧٦)، جامع الترمذي (٢٢٤٠)، السنن الكبرى للنسائي (٧/ ٢٦١/ ٧٩٧٠) و (٩/ ٣٤٦/ ١٠٧١٧)، علل ابن أبي حاتم (١٨٤٩)، الجرح والتعديل (٩/ ١٣٣)، صحيح ابن حبان (٦٨١٥)، تاريخ دمشق (٦٤/ ١٠٠)، تحفة التحصيل (٣٤١). وغيرها كثير].
فإن قيل: قد أسنده بعضهم عن عمرو بن الحارث به متصلاً بزيادة عبد الرحمن بن جبير بن نفير في الإسناد؛ فيقال: لا يثبت من ذلك شيء:
• فقد رواه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي: حدثني عمرو بن الحارث: حدثني عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد الزبيدي، قال: حدثني يحيى بن جابر؛ أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه أن أباه حدثه أن عبد الله بن معاوية الغاضري حدثهم؛ أن رسول الله ﷺ قال:«ثلاث من فعلهنَّ فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده فإنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسه رافدةً عليه في كل عام، ولم يعط الهرمة، ولا الدرنة، ولا الشرط اللائمة وفي رواية: اللئيمة، ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله ﷿ لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره، وزكى عبد نفسه»، فقال رجل: ما تزكية المرء نفسه يا رسول الله؟ قال:«أن يعلم أن الله معه حيث ما كان».
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٥/٣١)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (١/ ٢٦٩)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢/ ١٠٦٢/ ٣٠٠) وتحرف في المطبوع الإسناد والمتن، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٣/ ٢٥٣/ ٩٧٨)، وأبو القاسم