مالكاً هنا اكتفى بالكتاب عن الإسناد، وفيه منقبة لمالك أنه قرأ كتاب عمر في الصدقات؛ فأغنى ذلك عنده عن الإسناد، وذلك للمعنى الذي سبق تقريره مراراً.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ١٨١): «كتاب عمر هذا عند العلماء معروف مشهور في المدينة محفوظ، وكل ما فيه من المعاني متفق عليها، لا خلاف بين العلماء في شيء منها؛ إلا أن في الغنم شيئاً من الخلاف نذكره إن شاء الله، وكذلك نذكر الخلاف على الإبل فيما زاد على عشرين ومائة إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة إن شاء الله».
• قال البيهقي: «لو لم يكن في هذا الباب غير هذا الكتاب، لكانت فيه حجة، فإن هذا كتاب أمر به رسول الله ﷺ لعمر بن الخطاب في الصدقات، ولم يكتبه عمر بن الخطاب عن رأيه، فلا تدخل للرأي فيه وعمل به، وأمر عماله حتى عملوا به، وأصحاب النبي ﷺ متوافرون، وأقرأه ابنه عبد الله بن عمر، وأقرأه عبد الله ابنه سالماً ومولاه نافعاً، وكان الكتاب عند آل عمر حتى قرأه الزهري، وانتسخ منه لعمر بن عبد العزيز، وعمل به، ثم كان عندهم حتى قرأه مالك بن أنس أيضاً.
فكيف وقد أسنده سفيان بن حسين وسليمان بن كثير، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ﷺ! وهو يوافق الرواية الثابتة، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس بن مالك، عن أبي بكر الصديق، عن النبي ﷺ، وبالله التوفيق».
وقال البيهقي: قال أبو عيسى الترمذي في كتاب العلل: «سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: أرجو أن يكون محفوظاً، وسفيان بن حسين: صدوق».
قلت: وقد استشهد البخاري بسفيان بن حسين، وسليمان بن كثير عن الزهري في المتابعات تعليقاً [انظر: صحيح البخاري (١٠٦٦ و ٧٠٠٠)].
وقد علقه البخاري في صحيحه قبل الحديث رقم (١٤٥٠) بقوله: «ويُذكر عن سالم، عن ابن عمر ﵄، عن النبي ﷺ مثله»؛ يعني: في قوله: «لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع».
قال ابن حجر في النكت على مقدمة ابن الصلاح (١/ ٣٣٧): «وهذا الحديث وصله هكذا: سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه، في حديث طويل في الزكاة.
وقد قدمنا أن رواية سفيان بن حسين عن الزهري ليست على شرط الصحيح؛ لأنه ضعيف فيه، وإن كان كل منهما ثقة.
لكن له شاهد من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - وغيره، فاعتضد به حديث سفيان بن حسين، وصار حسناً».
وقال ابن المنذر: «وثبت ذلك عن عمر، وروي مثله عن علي، وابن عمر» [المعرفة للبيهقي (٦/ ٦١)].
• فإن قيل: قد ضعفه ابن معين.
قال عباس الدوري في تاريخه عن ابن معين (٤/ ٤٠٧/ ٥٠٠٥): «سمعت يحيى