للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يعني: المتصل الإسناد الذي أخرجه البخاري، ولم يقدم رواية أيوب المرسلة.

فإن قيل: حديث نقش الخاتم مروي في نسخة الأنصاري برقم (٥٩)، قال: حدثني أبي، قال: رأيت الكتاب الذي كتبه أبو بكر لأنس عند ثمامة، فكان نقش الخاتم: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر.

فيقال: رؤية الكتاب تصدق رواية الحفاظ الذين وصلوه، ولا تنافيها، فقد رواه عن الأنصاري موصولاً - بحديث نقش الخاتم - جمع كبير من كبار الحفاظ والثقات، منهم: البخاري، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن بشار بندار، وأبو موسى محمد بن المثنى، ومحمد بن سعد، وأبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، وأحمد بن الحسن الترمذي، وشعيب بن أيوب، والفضل بن سهل.

وبهذا يظهر أن أبا مسلم الكجي قد رواه عن الأنصاري بالوجهين، إذ هو راوي نسخة الأنصاري، فدل على أن الوصل محفوظ، لا سيما برواية كبار الحفاظ.

قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣١٨) بعد أن ذكر طرق الحديث: «فوضح أن حماداً سمعه من ثمامة، وأقرأه الكتاب، فانتفى تعليل من أعله بكونه مكاتبة، وانتفى تعليل من أعله بكون عبد الله بن المثنى لم يتابع عليه».

وأما تضعيف ابن معين؛ فهو معارض بتصحيح غيره من الأئمة النقاد، الذين تلقوه بالقبول، وإيجاب العمل به، بل والتصريح بصحته:

* فقد صححه أو احتج به: الشافعي وأحمد والبخاري، وأبو داود والترمذي، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان، وابن الجارود، والدارقطني والحاكم، وابن حزم، والبيهقي، والبغوي، والجوزقاني.

كذلك فإنه لممّا يقوي هذا الحديث وغيره مما سيأتي ذكره من كتاب عمر في الصدقات، وكتاب علي في الصدقات، وكتاب عمرو بن حزم: أن استعمال الكتاب أبلغ أثراً على أصحاب الأموال، أن يخرجوا صدقاتهم طيبة بها نفوسهم إذا علموا أن هذا هو كتاب رسول الله في الصدقات، وعليه خاتمه، وكذا الخلفاء الراشدون من بعده قد عملوا به، وأن وجود الكتاب مع المصدّق أبلغ أثراً في إثبات الحقوق، وعدم وقوع الخطأ عند استيفائها من أصحاب الأموال، ولذلك فإن تقصير من قصر بإسناده، حيث ذكر فقط رؤيته للكتاب، أو أنه أخذ من ثمامة هذا الكتاب ليس فيه إعلال لهذا الحديث بقدر ما فيه من تقوية له، حيث أراد أن يقول بأن هذا الحديث ليس مسموعاً فقط بالإسناد الصحيح، بل هو مدعوم ببقاء هذا الكتاب المختوم بخاتم النبوة، بحيث لا يقع في مقاديره الوهم لو كان مروياً فقط بحفظ الصدور، فاقترن الإسناد المسموع برؤية الكتاب المروي بهذا الإسناد، والله أعلم.

قال الشافعي: «حديث أنس: حديث ثابت؛ من جهة حماد بن سلمة وغيره، عن رسول الله ، وبه نأخذ» [الأم (٣/١١)].

<<  <  ج: ص:  >  >>