الحديث؛ فمن عانده فقد عاند الحقَّ، وأمر الله تعالى، وأمر رسوله ﷺ، لا سيما من يحتج في دينه بالمرسلات، وبرواية ابن لهيعة، ورواية جابر الجعفي الكذاب المتهم في دينه:«لا يؤمن أحد بعدي جالساً»، ورواية حرام بن عثمان الذي لا تحل الرواية عنه؛ في إسقاط الصلاة عن المستحاضة بعد طهرها ثلاثة أيام، ورواية أبي زيد مولى عمرو بن حريث في إباحة الوضوء للصلاة بالخمر، وبكل نطيحة، أو متردية، وما أهل لغير الله به: في مخالفة القرآن والسنن الثابتة، ثم يتعلل في السنن الثابتة التي لم يأت ما يعارضها؛ بل عمل بها الصحابة ﵃، ومن بعدهم وبهذا الحديث يأخذ الشافعي، وأبو سليمان، وأصحابهما».
• فإن قيل: ألا تُعَلُّ رواية عبد الله بن المثنى، ورواية حماد بن سلمة، برواية أيوب عن ثمامة؟
حيث روى أبو الربيع [الزهراني، سليمان بن داود العتكي: ثقة، مكثر عن حماد]: ثنا حماد بن زيد: ثنا أيوب قال: رأيت عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتاباً كتبه أبو بكر الصديق ﵁ لأنس بن مالك ﵁؛ حين بعثه على صدقة البحرين، عليه خاتم النبي ﷺ: محمد رسول الله، … فيه مثل هذا القول [يعني: مثل كتاب عمر الآتي ذكره بعد كتاب أبي بكر].
أخرجه أبو يعلى (١/ ١١٥/ ١٢٦)، ومن طريقه: البيهقي (٤/ ٨٧). [المسند المصنف (٢٦/ ٣٧٣/ ١١٩٤٠)].
• فيقال: هذه واقعة عين وقعت لأيوب مع ثمامة، وفيها متابعة لرواية من وصل الحديث من جهة إثبات هذا الكتاب الذي كتبه أبو بكر الصديق ﵁ لأنس بن مالك ﵁؛ حين بعثه على صدقة البحرين، وأن عليه خاتم النبي ﷺ: محمد رسول الله، وأنه كتاب محفوظ عن الزيادة والنقصان، ثم إنه لا تعارض بين رواية أيوب، وبين رواية عبد الله بن المثنى، ورواية حماد بن سلمة، حيث تتابعا على وصل الحديث، وعلى أن هذا الكتاب قد سمعه ثمامة من أنس، ومعهما زيادة علم، فتقدَّم، لا سيما وعبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس يروي هنا عن أهل بيته، أعني: عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، وأهل بيت الرجل أعلم بحديثه من الغرباء؛ فلا يضره حينئذ ما قيل فيه؛ لا سيما وقد توبع، ولم ينفرد بما ينكر عليه، لذا فقد اعتمد البخاري حديثه عن عمه ثمامة، واحتج به على انفراده دون الحاجة إلى متابع أو شاهد والبخاري هو الإمام الجهبذ في هذا الباب، في انتقاد الرواة وانتقاء ما صح من حديثهم، مع شدة فحصه وتتبعه طرق الحديث وعلمه بالمحفوظ من المردود.
وقد سبق أن صححت حديثاً لعبد الله بن المثنى بهذا الإسناد في فضل الرحيم الودود (٤/ ٣٨٧/ ٣٤٠)، وقلت هناك [مع بعض التصرف]: عبد الله بن المثنى: متكلم فيه، وهو: صدوق كثير الغلط، وقد احتج البخاري بما تفرد به عن عمه ثمامة عن أنس، … ،