للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والعمدة في هذا الباب على هذه الآثار الخمسة، وعليه العمل، وبه قال الجمهور.

هذه بعض النقول عن الأئمة في فقه المسألة، وقد تقدم بعضها في ثنايا البحث:

قال مالك في الموطأ (١/ ٣٤١): «من كان عنده تبر، أو حلي من ذهب أو فضة؛ لا ينتفع به للبس؛ فإن عليه فيه الزكاة في كل عام، يوزن فيؤخذ ربع عشره، إلا أن ينقص من وزن عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم، فإن نقص من ذلك، فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس، فأما التبر والحلي المكسور، الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه؛ فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة».

وقال الشافعي في القديم: «وقال بعض الناس: في الحلي زكاة، وروى فيه شيئاً ضعيفاً» [المعرفة للبيهقي (٦/ ٨٢٩٠/ ١٤١)].

وقال أبو عبيد في الأموال (١٢٨٨ - ١٢٩٦): «اختلف في هذا الباب صدر هذه الأمة، وتابعوها، ومن بعدهم، فلما جاء هذا الاختلاف أمكن النظر فيه، والتدبر لما تدل عليه السُّنَّة، فوجدنا النبي قد سن في الذهب والفضة سنتين: إحداهما في البيوع، والأخرى في الصدقة.

فسنته في البيوع قوله: «الفضة بالفضة مثلاً بمثل»، فكان لفظه: «بالفضة» مستوعباً لكل ما كان من جنسها، مصوغاً وغير مصوغ، فاستوت في المبايعة: ورقها وحليها ونقرها، وكذلك قوله: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل»، فاستوت فيه: دنانيره وحليه وتبره.

وأما سنته في الصدقة، فقوله: «إذا بلغت الرقة خمس أواقي ففيها ربع العشر»، فخص رسول الله بالصدقة الرقة من بين الفضة، وأعرض عن ذكر ما سواها، … »، ثم قال بأنه أخرج بذلك ما عدا الدراهم والدنانير المضروبة، وألحق بهما العلماء النقر والتبر، وذلك بخلاف الحلي الذي يستمتع به، ويتجمل به، فصار زينة ومتاعاً، وصار ها هنا كسائر الأثاث والأمتعة؛ فلهذا أسقط الزكاة عنه من أسقطها، كمثل من أسقط الزكاة عن الإبل والبقر العوامل، لكونها بخلاف السائمة التي أرصدت للنماء، ثم تأول أحاديث الباب على فرض صحتها، بأن تحمل على أن زكاة الحلي فيها عاريته، كما قال بذلك جماعة، مثل: سعيد بن المسيب والشعبي والحسن وقتادة، إلى أن قال: «ولو كانت الزكاة في الحلي فرضاً كفرض الرقة، ما اقتصر النبي من ذلك على أن يقوله لامرأة، يخصها به عند رؤيته الحلي عليها دون الناس، ولكان هذا كسائر الصدقات الشائعة المنتشرة عنه في العالم من كتبه وسنته، ولفعلته الأئمة بعده، وقد كان الحلي من فعل الناس في آباد الدهر، فلم نسمع له ذكراً في شيء من كتب صدقاتهم» [وانظر: أحكام القرآن للطحاوي (١/ ٢٦٣)، وشرح مختصر الطحاوي للجصاص (٢/ ٣١٨)].

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «سألت أبي عن الحلي، هل فيه زكاة؟ فقال: إذا كان يعار ويلبس أرجو أن لا يكون فيه زكاة» [مسائل عبد الله (٦١٤)].

وقال أيضاً: سألت أبي عن الحلي، فيه زكاة؟ قال: الحلي يعار ويلبس؛ يعني: أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>