فقد رواه محمد بن بشار [بندار: ثقة ثبت]: نا سهل [هو: ابن يوسف الأنماطي: بصري، ثقة]: نا أبو غفار [المثنى بن سعد، وقيل: ابن سعيد الطائي البصري، معروف بالرواية عن أبي قلابة، والسماع منه: لا بأس به، وثقه أحمد والبزار والخطيب. العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٤٧٦/ ٣١٢٣)، والتاريخ الكبير (٧/ ٤١٩)، والجرح والتعديل (٨/ ٣٢٥)، والتهذيب (٤/٢١)]، عن أبي قلابة [عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي البصري، انتقل إلى الشام هرباً من القضاء، ومات بها، وهو: تابعي ثقة فقيه فاضل، أحد الأعلام]، عن أبي الأشعث شراحيل بن آده الصنعاني: أحد كبار علماء التابعين بدمشق، روى عنه جماعة من ثقات التابعين، توفي زمن معاوية بن أبي سفيان، قال العجلي:«شامي تابعي ثقة»، وذكره ابن حبان في الثقات. طبقات ابن سعد (٥/ ٥٣٦)، وتاريخ دمشق (٢٢/ ٤٣٦)، والسير (٤/ ٣٥٧)، والتهذيب (٢/ ١٥٧)، عن أبي أسماء الرحبي [عمرو بن مرثد الدمشقي: ثقة، من الثالثة، سمع ثوبان، وروى له مسلم عنه أحاديث]، عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ، قال: جاءت هبيرة إلى رسول الله ﷺ وفي يدها فتخ من ذهب - أي: خواتيم -، فجعل النبي ﷺ يضرب يدها، فأتت فاطمة بنت رسول الله تشكو إليها ما صنع بها رسول الله ﷺ، قال ثوبان: فدخل النبي ﷺ والسلسلة في يدها، فقال النبي ﷺ:«يا فاطمة، أنت بنت رسول الله، وفي يدك سلسلة من نار»، ثم خرج ولم يقعد، فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها، فاشترت بها غلاماً فأعتقته، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال:«الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار». أخرجه الروياني (٦٢٧).
قلت: وهذا إسناد شامي ثم بصري صحيح غريب.
ويلاحظ هنا أن هذا الحديث وما اشتمل عليه من قصة وقعت لهند بنت هبيرة، ثم لفاطمة بنت رسول الله ﷺ؛ فإن الرواة لم يختلفوا في متنه اختلافاً يوحي بالاضطراب فيه، بل كان محفوظاً عندهم، واتفق الطريقان على روايته على نحو متقارب، والله أعلم.
وأما سبب الإعراض عن روايته مما أدى إلى غرابته؛ فقد يكون عدم توفر الهمم والدواعي لذلك لكون حكمه منسوخاً، ومخالفاً لما استقر عليه الإجماع من حل التحلي بالذهب للنساء، كما لا يمكن حمل حديث ثوبان هذا على تحريم الذهب المحلق على النساء؛ وذلك لأن النبي ﷺ إنما قال لفاطمة محذراً لها من التحلي بالذهب:«يا فاطمة، أنت بنت رسول الله، وفي يدك سلسلة من نار»، مشيراً بذلك إلى مطلق التحلي بالذهب؛ لا إلى تحريم المحلق دون المقطع، إذ لو كان كذلك لأرشدها بأن تقطعها فتحل لها بذلك، وإنما علق الوعيد بالنار بنفس التحلي بالذهب دون تفريق بين محلقه ومقطعه، وقد فهمت هذا فاطمة فباعتها، واشترت بثمنها غلاماً فأعتقته؛ فأقرها النبي ﷺ على حسن فهمها لكلامه ﷺ، فقال:«الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار».
والحاصل: فإن حديث ثوبان هذا يمكن حمله على تحريم الذهب أول الأمر، ثم