وقال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٨٧): «وهذا ضعيف؛ لا يثبت عن الشعبي، ولا عن النبي ﷺ، وليس في المال حق سوى الزكاة، وإذا وقع أداء الزكاة ونزلت بعد ذلك حاجة، فإنه يجب صرف المال إليها باتفاق من العلماء».
وقال في القبس (١/ ٤٦١): «اختلف الناس: هل في المال حق سوى الزكاة أم لا؟»، … فذكر الحديث، ثم قال: «والصحيح: ما ذهب إليه فقهاء الأمصار؛ من أن الزكاة طهرة للمال وكفارته لا يبقى بعدها حق فيه، وقد قال النبي ﷺ للسائل عن الفرائض وفي طريق التعليم: هل عليَّ غيرهن؟ قال: «لا»، وهذا نص إنصاف، نحن وإن قلنا: إنه ليس في المال حق سوى الزكاة؛ فإنما ذلك ابتداء، فأما العوارض والطوارئ فقد تتعين الحقوق في الأبدان: بالنصرة للمظلومين ودفع الظالمين زائداً على الجهاد، وفي الأموال: بإغناء المحتاجين، وفك الأسرى من المسلمين».
وقال النووي في المجموع (٥/ ٣٣٢): «ضعيف، ضعفه الترمذي والبيهقي وغيرهما، والضعف ظاهر في إسناده».
قلت: هو حديث منكر؛ اضطرب أبو حمزة في متنه، ولم يضبطه، وأبو حمزة ميمون الأعور القصاب الكوفي الراعي: ضعيف، تركه بعضهم، ولا يحتمل مثله عن عامر بن شراحيل الشعبي، وقد خالفه أصحاب الشعبي، فأوقفوه عليه [التهذيب (٤/ ٢٠٠)].
وانظر: الأحكام الوسطى (٢/ ١٨٢)، وبيان الوهم (٣/ ١٧٥/ ٨٨٦) و (٣/ ٤٣٠/ ١١٨٠)، وبغية النقاد النقلة (٢/٣٢/٢٢٦).
قلت: المعروف في هذا عن الشعبي هو ما رواه:
بيان بن بشر الأحمسي الكوفي [ثقة ثبت، وهو: ثقة في الشعبي] [وعنه: خالد بن عبد الله الواسطي، ومحمد بن فضيل، وهما: ثقتان]، وإسماعيل بن سالم [الأسدي: ثقة ثبت] [وعنه: هشيم بن بشير، وهو: ثقة ثبت]:
عن الشعبي، قال: إن في المال لحقاً سوى الزكاة. لفظ بيان [عند سعيد بن منصور].
ولفظ إسماعيل بن سالم [عند الطبري]: عن الشعبي، سمعته يسأل: هل على الرجل حق في ماله سوى الزكاة؟ قال: نعم! وتلا هذه الآية: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ١٧٧].
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ (٤٨)، وسعيد بن منصور في سننه (٥/ ١٠٠/ ٩٢٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤١١/ ١٠٥٢٥)، وابن جرير الطبري في تفسيره (٣/ ٣٤٢/ ٢٥٢٥) و (٢٣/ ٦١٣)، وابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٢١٢).
وهذا صحيح عن الشعبي قوله، مقطوعاً عليه.
قال الترمذي: وهذا أصح؛ يعني: من حديث أبي حمزة ميمون الأعور، حيث جعله من مسند فاطمة بنت قيس فأخطأ؛ إنما هو قول الشعبي.