والحاصل: فإننا إذا استثنينا ما صح من رواية حماس عن عمر، ورواية عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر، في زكاة عروض التجارة؛ فإن هذه الآثار التي تلتها عن عمر في الخيل والرقيق، إنما أخذ عمر الصدقة فيها على سبيل التبرع من أصحابها، لا أنه أوجبها عليهم، بدليل أنه أخبر عن ذلك بقوله:«ما فعله صاحباي قبلي، ولا أفعله حتى أستشير»، فدل على أنه كان تبرعاً منهم، لم يوجبه عليهم، وصرح بذلك علي بن أبي طالب، حين طالبه بألا يجعلها عليهم جزية راتبة، يؤخذون بها من بعده، وعلى هذا إجماع الصحابة والتابعين بأنه ليس في الخيل والرقيق صدقة؛ إلا أن يتجر بها؛ كما تحتمل بعض الآثار المروية عنه في صدقة الخيل؛ أنها كانت للتجارة، كما في أثر السائب بن يزيد.
وعلى هذا فالذي فرضه عمر بناءً على طلب من المسلمين كان صدقة تبرع، ولم تكن من الصدقات الواجبة، وأما فعل والد السائب بن يزيد فيحتمل الأمرين معاً، وأما أثر حماس: فهو صريح في زكاة التجارة، وأثر عبد الرحمن بن عبد القاري: ظاهر فيها، والله أعلم.
• قال البيهقي في الخلافيات (٤/ ٣٣٤) بعد أثر حارثة بن مضرب عن عمر: «وعلى هذا إجماع التابعين».
ثم أسند إلى: مالك، عن عبد الله بن دينار؛ أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين؟ فقال: وهل في الخيل من صدقة؟.
أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٧٥٤/ ٣٧٤ - رواية يحيى الليثي)(٧٣٧ - رواية أبي مصعب)(٣٣٥ - رواية الشيباني)، وعنه: الشافعي في الأم (٢/٢٨)، وفي المسند (٩٢)، ومن طريقه ابن زنجويه في الأموال (١٨٧٩)، والطحاوي في أحكام القرآن (٦٥٢)، والبيهقي في السنن (٤/ ١١٩)، وفي الخلافيات (٤/ ٣٣٥/ ٣٢٥٢)، وفي المعرفة (٦/ ٩٣/ ٨١٠٦)
• وقد توبع عليه مالك: أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٨١/ ١٠١٤٥ و ١٠١٤٦)(٦/ ٢٤٢/ ١٠٤٢٧ و ١٠٤٢٨ - ط الشثري)، و (٧/ ٣١٢/ ٣٦٣٨٩)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٢/ ٩٥٠/ ١٣٥٢ - مسند عمر)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/٣٠)، وفي أحكام القرآن (٦٥٣).
• وروى مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة.
أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٣٧٣/ ٧٥٣ - رواية يحيى الليثي)(٧٣٦ - رواية أبي مصعب)(٣٣٧ - رواية الشيباني)، وعنه: الشافعي في الأم (٢/٤٢)، ومن طريقه: أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١٤٩٦)، وابن زنجويه في الأموال (١٨٨٠ و ٢٠٢٥)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٢/ ٩٥٣/ ١٣٦٢ - مسند عمر)، والطحاوي في أحكام