للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: حماس بن عمرو والد أبي عمرو بن حماس الليثي [حماس: بكسر المهملة، وتخفيف الميم، وآخره مهملة]: وقعت له هذه الواقعة مع عمر بن الخطاب، ثم حكاها لابنه، فلا يطلب في مثله - وهو من العصر المشهود له بالخيرية - سوى أن يكون مشمولاً باسم العدالة والسلامة من خوارم المروءة؛ لكي نقبل روايته في مثل هذه الطبقة من كبار التابعين، الداخلين في عموم التعديل النبوي الكريم: حيث قال : «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» [البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣)]؛ لا سيما ولم ينقل أن أحداً جرحه بقادح، قال فيه ابن سعد في الطبقات (٥/ ٦٢): حماس الليثي: من بني كنانة، وهو أبو أبي عمرو بن حماس، من أنفسهم، وله دار بالمدينة، وقد روى عن عمر بن الخطاب، وكان شيخاً قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطني في إسناد هذا الحديث؛ ثم إنه لم ينفرد برواية أخذ عمر الزكاة من عروض التجارة، بل توبع على ذلك؛ كما سيأتي بيانه في الطريق الآتية [التاريخ الكبير (٣/ ١٣٠)، والجرح والتعديل (٣/ ٣١٤)، والثقات (٤/ ١٩٣)، والاستيعاب (٥٨٦)، والإصابة (٢/ ١٣١)، والثقات لابن قطلوبغا (٤/٢٠)].

وابنه أبو عمرو بن حماس، قال ابن سعد: «مولى بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة»، وكان صاحب عبادة واجتهاد، روى عنه ثلاثة من ثقات أهل المدينة: عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وأبو الزناد، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي، اثنان منهم من التابعين، مما يدل على أنه من طبقة التابعين، وقد روى عنه غيرهم، ووثقه الدارقطني في إسناد هذا الحديث، وقال عنه في العلل: «معروف» [الطبقات الكبرى (٥٨ - القسم المتمم للتابعين) (٥/ ٣٤٤)، وطبقات خليفة (١٨٠ و ٢١٧٣ و ٢٣٣٥)، والجرح والتعديل (٩/ ٤١٠)، وإكمال ابن ماكولا (٢/ ٥٠٠)، والميزان (٤/ ٥٥٧)، والتهذيب (٢/ ١٥٦) و (٤/ ٥٦١)] [وانظر للفائدة: المعجم الأوسط للطبراني (٣/ ٢٣٥/ ٣٠١٨)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (٤/ ٢٠٤٠) و (٥/ ٢٩٦١)، والإصابة (٥/ ٢٢٢) و (٧/ ٢٥٧)].

تنبيه: وقع في التهذيب أن أبا حاتم قال فيه: «مجهول»، ولم أقف عليه لأبي حاتم، إنما هو قول ابن حزم، كما تقدم، ولا عبرة به.

وعليه: فحديثهما هذا حديث صحيح، وقد رواه عنهما ثقات أهل المدينة، لا سيما وله ما يشهد له في زكاة عروض التجارة، والله أعلم.

وهذا الأثر من أقوى النصوص الدالة على وجوب إخراج الزكاة في عروض التجارة، وقد احتج به أحمد:

قال ابنه صالح في مسائله (٩٤٨): «قلت: الفائدة من المال يضم بعضها إلى بعض؟ قال: لا يُضم بعضها إلى بعض، ما كان من ميراث أو صدقة أو هبة أو عطاء فلا يزكى حتى يحول عليه الحول؛ إلا أن يكون تاجر قد زكى ماله ثم ربح فإنه يزكي الربح مع ماله، وذلك لقول عمر؛ إذ مر على صاحب الجعاب والأدم، فقال: قَوَّم وزك، وذلك لأن نماءها منها، وكذلك في الإبل والبقر والغنم إذا توالدت؛ فإنه يزكيها صغارها وكبارها».

<<  <  ج: ص:  >  >>