للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استدل بقصة حماس مع عمر، واستدل أيضاً بأثر ابن عمر، ولم يجد شيئاً يحتج به أعلى من ذلك [انظر: مسائل ابنه صالح (٩٤٨)، ومسائل ابنه عبد الله (٦٠٩/ ٦١٢)]، كذلك فإن مالكاً، والشافعي، وعبد الرزاق، وأبا عبيد وابن أبي شيبة، وأبا داود، وابن زنجويه، والطحاوي، وغيرهم ممن جمع الآثار الواردة في زكاة عروض التجارة، لم يحتج واحد منهم بحديث أبي هريرة هذا في قصة خالد بن الوليد، مما يدل على عدم انتهاض دلالته للحكم بها على المعنى المذكور، وأنه حديث مجمل الدلالة، قال ابن حزم: «وليس في الخبر: لا نص، ولا دليل، ولا إشارة؛ على شيء مما ادعوه»، وقال ابن دقيق العيد: «إنه استدلال بأمر محتمل، غير متعين لما ادعي»، وأغلب من خرج هذا الحديث في كتاب الزكاة إنما احتج به على تعجيل الزكاة في قصة العباس، أو على إخراج القيمة في قصة خالد، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

٥ - أثر عمر بن الخطاب:

أ - روى سفيان بن عيينة، وعبد الله بن نمير، وعبدة بن سليمان، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وجعفر بن عون، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [وهم سبعة من الثقات، أكثرهم حفاظ أثبات]:

عن يحيى بن سعيد [الأنصاري: ثقة ثبت، يساوي بالزهري]، عن عبد الله بن أبي سلمة [الماجشون: مدني، ثقة، من الطبقة الثالثة، روى له مسلم]، عن أبي عمرو بن حماس؛ أن أباه قال: مررتُ بعمر بن الخطاب ، وعلى عنقي آدمة أحملها، فقال عمر: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما لي غير هذه التي على ظهري، وآهِبةٌ في القَرَظ، فقال: ذاك مال، فضع، قال: فوضعتها بين يديه فحسبها، فوجدت قد وجبت فيها الزكاة، فأخذ منها الزكاة. لفظ ابن عيينة.

ولفظ جعفر بن عون: كان حماس يبيع الأدم والجعاب، فقال له عمر : أد زكاة مالك، فقال: إنما مالي جعاب وآدم، فقال: قومه، وأد زكاته.

ولفظ ابن نمير [عند ابن أبي شيبة]، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة؛ أن أبا عمرو بن حماس أخبره أن أباه حماساً كان يبيع الأدم والجعاب، وأن عمر قال له: يا حماس أد زكاة مالك، فقال: والله ما لي مالٌ إنما أبيع الأدم والجعاب، فقال: قومه، وأد زكاته.

ولفظ يزيد بن هارون [عند ابن زنجويه]: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة؛ أن أبا عمرو بن حماس أخبره أن حماساً قال: مر بي عمر بن الخطاب فقال: يا حماس أد زكاة مالك، فقلت: ما لي من مالٍ، إنما أبيع الجعاب والأدم، فقال: أقمها، ثم أد زكاتها.

وقد استفدنا من هاتين الروايتين اتصال إسناده، وثبوت سماع الماجشون من أبي عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>