للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحدها: أنه قد اعتذر لخالد، ودافع عنه، يقول: إذا كان خالد قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله تبرُّراً، وتقرباً إليه، وذلك غير واجب عليه، فكيف يجوز عليه منع الصدقة الواجبة عليه؟

والوجه الثاني: أن خالداً إنما طولب بالزكاة عن أثمان الأدرع والأعبد، على معنى أنها كانت عنده للتجارة، فأخبر النبي أنه لا زكاة عليه فيها؛ إذ قد جعلها حبساً في سبيل الله.

وفي ذلك: إثبات الزكاة في الأموال التي ترصد للتجارة، وقد أوجبها عامة الفقهاء، غير أن بعض المتأخرين خالف في ذلك وهو كالشذوذ منه [وقال في المعالم (٢/ ٥٣) بعبارة أخرى: «وهو كالإجماع من أهل العلم، وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهر أنه لا زكاة فيها وهو مسبوق بالإجماع»].

والوجه الثالث: قد أجاز لخالد أن يحتسب بما قد احتبسه من الأدراع والأعبد في سبيل الله من الصدقة التي أمر بقبضها منه، وذلك لأن أحد أصناف المستحقين للصدقات في سبيل الله هم المجاهدون، فصرفها في الحال إليهم كصرفها في المال.

وفيه على هذا الوجه: دليل على جواز أخذ القيمة عن أعيان الأموال، ووضع الصدقة في صنف واحد من الأصناف.

وقال القدوري في التجريد (٨/ ٣٧٩١): «الجواب: أنه حبسها بمعنى: جعلها للاستعمال في سبيل الله، ولم يعدها للتجارة؛ فلم تجب عليه زكاة، ألا ترى أنه أضافها إليه، وهذا يدل أنها على ملكه؟ ولو كان الوقف لزم فيها لم تكن على ملكه».

وأما ابن حزم فقد تبع في مذهبه داود الظاهري في إنكار وجوب زكاة عروض التجارة، فقال في المحلى (٤/٤٤): «قالوا: فدل هذا على أن الزكاة طلبت منه في دروعه وأعبده؛ ولا زكاة فيها إلا أن تكون لتجارة. وليس في الخبر لا نص ولا دليل ولا إشارة على شيء مما ادعوه، وإنما فيه أنهم ظلموا خالداً إذ نسبوا إليه منع الزكاة، وهو قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله فقط، صدق ، إذ من المحال أن يكون رجل عاقل ذو دين ينفق النفقة العظيمة في التطوع، ثم يمنع اليسير في الزكاة المفروضة؛ هذا حكم الحديث، وأما إعمال الظن الكاذب على رسول الله فباطل» [قلت: وقول الظاهرية شاذ، قال الخطابي في الأعلام: «وفي ذلك: إثبات الزكاة في الأموال التي ترصد للتجارة، وقد أوجبها عامة الفقهاء، غير أن بعض المتأخرين خالف في ذلك وهو كالشذوذ منه»، وقال في المعالم بعبارة أخرى: «وهو كالإجماع من أهل العلم، وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهر أنه لا زكاة فيها وهو مسبوق بالإجماع»].

وذكر البيهقي في الخلافيات (٤/ ٣٣٦) عدة تأويلات، وختمها بقوله: «أو: كأنه طلب زكاة التجارة»، قلت: وهو الأشبه؛ لما سيأتي.

وقال البغوي: قوله: «وأعتده» يروى بالتاء، والأعتد: جمع العتاد، وكذلك الأعتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب والآلة للحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>