مالك بن أوس بن الحدثان النصري، عن أبي ذر، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته». [الإتحاف (١٤/ ١٨٢/ ١٧٥٩٦)، والمسند المصنف (٢٧/ ٣٠٤/ ١٢٣٠٧)].
كذا في جميع نسخ المسند: البر، بضم الباء الموحدة والراء المهملة، بمعنى: القمح، وهو الأقرب، فإن الصدقة كانت على عهد رسول الله ﷺ تؤخذ من الحرث والعين والماشية، والبر من أشهر الحبوب المعهودة في العهد النبوي، وتخرج زكاة الحب حباً، كما تخرج زكاة الإبل والبقر والغنم من أجناسها، وذلك بخلاف عروض التجارة، على ما دل عليه أثر عمر؛ فإن زكاتها تكون بالذهب والفضة، ولم أر أحداً ضبطها بالزاي قبل الدارقطني، والله أعلم.
ولو كان حديث ابن جريج هذا بالزاي؛ لما غفل عنه قدماء المصنفين، ولاحتجوا أو استشهدوا به على زكاة عروض التجارة؛ لا سيما الشافعي، لعنايته بحديث ابن جريج المكي، فلما لم يذكروه في باب زكاة عروض التجارة علمنا أنه كان مروياً عندهم بضم الباء الموحدة، وبالراء المهملة، والله أعلم.
• وأما علة الحديث: فقد بين ابن جريج في رواية الإمام أحمد أنه لم يسمع هذا الحديث من عمران، وإنما بلغه عن عمران.
يؤكد ذلك أن الترمذي سأل البخاري عن هذا الحديث، فقال البخاري: «ابن جريج: لم يسمع من عمران بن أبي أنس، يقول: حدثت عن عمران بن أبي أنس» [علل الترمذي الكبير (١٧١)، وبيان الوهم والإيهام (٥/ ٥٦/ ٢٢٩٥)].
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (٣/ ٨٣/ ١٥٦٥) «منقطع، لم يسمعه ابن جريج من عمران بن أبي أنس».
• وبهذا يتبين ضعف هذا الإسناد لانقطاعه، وكان ابن جريج قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، قال الدارقطني: «تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل: إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما» [التهذيب (٢/ ٦١٧)]، والله أعلم.
قال ابن عبد الهادي في التنقيح (٣/ ٨٤): «ويحتمل أن يكون ابن جريج سمعه من موسى بن عبيدة».
وقال ابن حجر في الإتحاف (١٤/ ١٨٢/ ١٧٥٩٦): «فكأنه دلسه عن موسى بن عبيدة، فالحديث حديثه ومداره عليه، وهو ضعيف».
• قلت: رواه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام [صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه]، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي [ثقة، صحيح الكتاب، فإذا حدث من حفظه أو من كتب غيره: أخطأ]، وزيد بن الحباب [ثقة]:
عن موسى بن عبيدة [الربذي: ضعيف]، عن عمران بن أبي أنس، عن مالك بن