تفسيره، والقول الآخر هو في صدقة الماشية، وأن صدقتها تكون على مياههم وفي أفنيتهم ودورهم.
• سئل مالك: هل سمعت أن رسول الله ﷺ قال: لا جلب ولا جنب؟ فقال: لم أسمعه عن النبي ﷺ.
وسئل عن تفسير ذلك؟ فقال: أما الجلب: فأن يتخلف الفرس في التسابق، فيحرك وراءه الشيء يستحث به، فيسبق، فهذا الجلب، وأما الجنب: فإنه يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرساً، حتى إذا دنا تحول راكبه على الفرس المجنوب، وأخذ السبق.
ذكره مالك في الموطأ (٩٠٤ - رواية أبي مصعب)، ومن طريقه: الطحاوي في المشكل (٥/ ١٥٣ - ١٥٤)، والبيهقي (١٠/٢١).
[ذكره ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ٩١) من رواية القعنبي، ثم قال: «وهذا ليس في رواية يحيى بن يحيى للموطأ». وقال القاضي عياض في المشارق (١/ ١٤٩): «وقع ذكره وتفسيره في موطأ ابن بكير وابن عفير، ولم يكن عند يحيى ولا جماعة»].
قال الطحاوي: «ولا اختلاف بين أهل العلم أن المراد بذلك: هو النهي عن هذين المعنيين المذكورين في هذه الآثار في السبق بما يجوز السبق بمثله.
وقد روي في ذلك عن مالك وعن الليث بن سعد»، ثم ذكر كلام مالك، ثم أتبعه بما ذكره يونس، عن ابن وهب، قال: قال الليث في تفسير: لا جلب؛ قال: أن يجلب وراء الفرس في السباق، والجنب: أن يكون إلى جنبه يهتف به للسباق، ثم قال الطحاوي: «ولا نعلم في ذلك قولاً غير هذين القولين اللذين ذكرناهما في هاتين الروايتين».
وقال الخطابي في معالم السنن (٢/٤٠): «الجلب يفسر تفسيرين: يقال: إنه في رهان الخيل، وهو أن يجلب عليها عند الركض، ويقال: هو في الماشية، يقول: لا ينبغي للمصدق أن يقيم بموضع، ثم يرسل إلى أهل المياه فيجلبوا إليه مواشيهم فيصدقها، ولكن ليأتهم على مياههم حتى يصدقهم هناك.
وأما الجنب فتفسيره أيضاً على وجهين: أحدهما أن يكون في الصدقة وهو أن أصحاب الأموال لا يجنبون على مواضعهم؛ أي: لا يبعدون عنها حتى يحتاج المصدق إلى أن يتبعهم ويمعن في طلبهم.
وقيل: إن الجنب في الرهان، وهو أن يركب فرساً فيركضه وقد أجنب معه فرساً آخر، فإذا قارب الغاية ركبه، وهو جام فيسبق صاحبه» [وانظر أيضاً موضعاً آخر: (٢/ ٢٥٧)].
وقال ابن الأثير في النهاية (١/ ٢٨١) و (٣٠٣): «الجلب يكون في شيئين: أحدهما: في الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعاً، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهي عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. الثاني: أن يكون في السباق، وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره، ويجلب عليه ويصيح حثاً له على الجري، فنهي عن ذلك».