قلت: حديث ابن عمر هذا: لم أجده سوى عند ابن ماجه، ولم أجد من استشهد به ممن ذكر أحاديث الباب في: الموضع الذي تؤخذ فيه صدقة الماشية؛ فلم يستشهد به: البيهقي في سننه (٤/ ١١٠)، ولا الروياني في بحر المذهب (٣/ ٦٩)، ولا العمراني في البيان (٣/ ٣٩٢)، ولا الضياء المقدسي في السنن والأحكام (٣/ ٢٥٥)، ولا ابن دقيق العيد في الإلمام (٤٧٧)، ولا ابن تيمية الجد في منتقى الأخبار (١٥٧٩)، ولا ابن عبد الهادي في المحرر (٥٦٥ و ٥٦٦)، ولا ابن الملقن في تحفة المحتاج (٩١٤)، ولا ابن حجر في البلوغ (٦٠١ و ٦٠٢).
وأما السيوطي في الجامع الصغير (٥٢١٥) فقد عزاه لأحمد وابن ماجه من حديث ابن عمرو، وتبعه على ذلك المتقى الهندي في كنز العمال (١٥٩٠٩)، مع كون أحمد أخرجه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وابن ماجه أخرجه من طريق: أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر.
قلت: الذي يظهر لي أن حديث ابن ماجه وهم:
فإن محمد بن الفضل السدوسي عارم، وإن كان ثقة ثبتاً؛ إلا إنه تغير في آخر عمره واختلط، وشيخ ابن ماجه أبو بدر عباد بن الوليد بن خالد توفي سنة (٢٦٢)، وقيل:(٢٥٨)، فليس هو من طبقة من سمع من عارم قبل الاختلاط [الكواكب النيرات (٥٣)، والتهذيب (٣/ ٦٧٥)]، فضلاً عن كون أبي بدر هذا ليس من جمال المحامل الذين يعتمد على حفظهم، حيث تفرد بهذا الحديث عن عارم دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم، وقد قال فيه أبو حاتم:«شيخ»، وقال ابن أبي حاتم:«صدوق»، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (٢/ ٢٨٤)].
وقد روى عن عارم جمع غفير من الثقات، مثل: أحمد بن حنبل، والبخاري، وعبد بن حميد، وأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة الرازي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويعقوب بن سفيان الفارسي، ويعقوب بن شيبة السدوسي، وأبي موسى محمد بن المثنى، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبي مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأبي الأحوص محمد بن الهيثم قاضي عكبرا، وهارون بن عبد الله الحمال، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن نصر النيسابوري، وإسماعيل بن عبد الله الأصبهاني سمويه، وإبراهيم بن يونس بن محمد المؤدب، وأبي الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن محمد بن المعلى الأدمي، وأخيه بسطام بن الفضل السدوسي، وحجاج بن الشاعر، والحسن بن علي الخلال، وحماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد، وخُشيش بن أصرم النسائي، وأبي داود سليمان بن سيف الحراني، وأبي داود سليمان بن معبد السنجي، وعبد الله بن محمد المسندي، وعبد العزيز بن الخطاب، ومحمد بن الحسين بن أبي الحنين، ومحمد بن داود بن صبيح، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، ويحيى بن مطرف، وغيرهم كثير.