حكموا على مجمل حديثه بالنكارة، وإنما وقعت المناكير في بعض حديثه، ولم يترك، بل لينه كثير من النقاد بقولهم:«ليس بالقوي»، وهي أخف مراتب الجرح، بل هذا قريب من قول أحد المتشددين فيه، وهو أبو حاتم الرازي حيث قال عنه:«ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إليَّ من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريراً، وكان يتشيع»، وقال الترمذي:«وعلي بن زيد: صدوق؛ إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره»، كذلك فلم يمتنع ابن مهدي من الرواية عنه، وقد روى عنه شعبة والسفيانان والحمادان والكبار، وأما ابن حبان فهو مع تعنته في الجرح ومبالغته في الحطّ على من له جرحة؛ فإنه لم يزد على أن ختم كلامه فيه بقوله:«فاستحق ترك الاحتجاج به»؛ يعني: إذا تفرد، وروى له مسلم مقروناً بثابت البناني في موضع واحد، وقد صحح له الترمذي جملة من حديثه مما توبع عليه، وقال الذهبي:«وكان من أوعية العلم، على تشيع قليل فيه، وسوء حفظه يغُضُّه من درجة الإتقان»، وقال أيضاً:«صالح الحديث» [صحيح مسلم (١٧٨٩)، وجامع الترمذي (١٠٩ و ١١٤٦ و ٢٣٣٠ و ٢٦٧٨ و ٣١٤٨ و ٣١٦٨ و ٣٦١٥ و ٣٩٠٢)، والجرح والتعديل (٦/ ١٨٦)، والمجروحين (٢/ ١٠٣)، والكامل (٥/ ١٩٥)، والميزان (٣/ ١٢٧)، والسير (٥/ ٢٠٦)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٤٠)، وتاريخ الإسلام (٨/ ٤٩٨)، والمغني (٢/ ٤٤٧)، والتهذيب (٣/ ١٦٢)].
• والحاصل: فإن حديث عمران بن حصين هذا قد روي بأسانيد:
• رواه محمد بن عبد الله الأنصاري: نا صرد بن أبي المنازل، قال: سمعت حبيب بن أبي فضالة المالكي؛ سمع عمران بن حصين.
وهو إسناد متصل، سمع بعضهم من بعض، لكن فيه جهالة تحتمل لمجيئه من طرق أخرى عن عمران بن حصين.
تابعه بطرف منه: ثهلان بن قبيصة، عن حبيب بن أبي فضالة، عن عمران بن حصين.
• ورواه عقبة بن خالد الشني، وعنبسة بن أبي رائطة الغنوي: عن الحسن؛ أن رجلاً قال لعمران بن حصين ﵁.
وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، والحسن البصري: لم يسمع من عمران بن حصين.
• ورواه معمر بن راشد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن عمران بن حصين.
وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير ابن جدعان؛ فإنه: ضعيف.
• وباجتماع هذه الطرق، وإن كان في كل منها مقال، فإن الحديث يتقوى باجتماعها، والعمدة فيه على الطريق الأول المتصل والذي اختاره أبو داود، فأخرجه في [سننه]، والجهالة فيه محتملة، والمجهول قد يضبط الرواية، ويصح حديثه؛ إذا دلت القرائن على ذلك.