للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هكذا رواه أحمد بن عبد الملك [هو: ابن واقد الحراني؛ ثقة] عن شريك به مرفوعاً [عند أحمد].

بينما رواه ابن أبي شيبة [ثقة حافظ مصنف] (٢/ ٣٧٠/ ١٠٠١١) (٦/ ٢٠٦/ ١٠٢٨٢ - ط الشثري)، عن شريك به موقوفاً: الوسق: ستون صاعاً.

قلت: وهو حديث منكر بهذا السياق، وهو من أوهام الفقيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الذي غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون، وهذا الحديث من دلائل سوء حفظه، فقد أدرج فيه ما ليس منه، مما يقول به بعض الفقهاء في تعيين ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار، وهي: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأنها محصورة في هذه الأربع دون غيرها، وهو قول مشهور عن ابن أبي ليلى، مأثور عنه، وقد أدرجه في المرفوع [انظر: الأموال لأبي عبيد (١٢٧٩)، واختلاف الفقهاء (٤٦٣)، والإشراف لابن المنذر (٣/٢٩)، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٤٢٣)، وغيرها كثير].

• لكن يبقى الكلام عن حديث: إدريس بن يزيد الأودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري؛ فإن رجاله ثقات، رجال الصحيح:

فيقال: في سنده انقطاع؛ فإن أبا البختري سعيد بن فيروز الطائي: لم يسمع من أبي سعيد الخدري، قال أبو داود: «أبو البختري: لم يسمع من أبي سعيد»، وقال أبو حاتم: «أبو البختري الطائي: لم يدرك علياً، ولا أبا ذر، ولا أبا سعيد الخدري، … »، وقال ابن خزيمة: «لا أحسبه سمع من أبي سعيد» [المراسيل (٢٧١)، وجامع التحصيل (٢٤٢)، وإكمال مغلطاي (٥/ ٣٣٩)، وتحفة التحصيل (١٢٧)، والتهذيب (٢/٣٨)].

وهو أحياناً يروي عن أبي سعيد بواسطة [انظر: مسند الطيالسي (٢٣٢٠)، ومسند أحمد (٣/ ٨٤/ ١١٧٩٣) و (٣/ ٩١/ ١١٨٦٨)، والتاريخ الكبير (٨/ ٥٩)، والأمر بالمعروف لابن أبي الدنيا (٩٣)، وعلل الدارقطني (١١/ ٣٥٣/ ٢٣٣٦)، وحلية الأولياء (٤/ ٣٨٤)، وشعب الإيمان (٧١٦٤)].

• وعلى هذا: فإن الجملة الأولى منه: «ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة»، حديث صحيح ثابت من حديث أبي سعيد الخدري؛ رواه عن أبي سعيد: يحيى بن عمارة، وعباد بن تميم، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة؛ كما تقدم بيانه في الحديث السابق.

وأما جملة: «الوسق: ستون مختوماً»؛ فهي مدرجة من كلام بعض الرواة، والدليل على أنها ليست من كلام النبي أمران: الأول: أنه لا يصح لها إسناد مرفوع، والثاني: قرينة في نفس النص، وهي قوله: مختوماً؛ فإن الصاع المختوم بختم الأمراء، لم يكن موجوداً في عهد النبي ، وإنما حدث بعد ذلك؛ قال أبو عبيد: «والمختوم ها هنا هو الصاع بعينه، وإنما سمي مختوماً لأن الأمراء جعلت على أعلاه خاتماً مطبوعاً لئلا يزاد فيه، ولا ينتقص منه».

<<  <  ج: ص:  >  >>