على هذا المعنى، ثم قال:«والشواهد في كلام العرب على القول الأول أكثر، قال: وهو عندي أشبه بالمعنى»، ثم ساق شعراً، ثم قال:«وهذا الشعر يبين لك أن العقال إنما هو صدقة عام»، ثم ساق شيئاً من واقعة الرمادة، ثم قال:«فهذا شاهد أيضاً أن العقال صدقة عام».
وقد انتقده أبو سليمان الخطابي، فقال في غريب الحديث (٢/٤٧): «وقد خولف أبو عبيد في هذا التفسير، وذهب غير واحد من العلماء في تفسيره إلى غير وجه»، ثم نقل عن بعضهم قوله:«إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقل فما فوقه، كما يقول الرجل للرجل إذا منعه الكثير من المال: لا أعطيك ولا درهماً منه، وليس بالسائغ أن يقول: لا أعطيك ولا مائة ألف ونحوها، وكان يقول: ليس بسائر في لسانهم: أن العقال صدقة عام، والبيت الذي استشهد به ليس بالثبت الذي يحتج به»، ثم نقل قول من قال بأن العقال هو الحبل الذي يعقل به البعير، وذكر أقوالاً أخرى.
وقال الطحاوي في أحكام القرآن (١/ ٣٠٩)[وهو ممن يرجح رواية العناق]: «وكان فيما روينا من هذا الحديث قول أبي بكر: والله لو منعوني عناقاً كانوا يعطون رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها، فكان في ذلك ما يدل على أن العناق قد كانت تؤدى إلى رسول الله ﷺ في الصدقة، ولا اختلاف بين أهل العلم أن الغنم إذا كانت منها مسان وعنق، أن صدقاتها مأخوذة من المسان لا من العنق، فكان في ذلك ما قد دل أن العنق لم يكن يؤدى إلى رسول الله ﷺ إلا من عنق لا مسان فيها، فثبت بذلك القول الذي ذكرناه عن أبي يوسف من الأقوال التي ذكرناها في هذا الباب».
وقال نحوه في المشكل (١٥/ ٨٩)، بعد أن ضعف رواية العقال، وكان قد نقل أن هناك من يقول بأن العقال هنا المراد به الحبل الذي تعقل به الفريضة من الصدقة، وذهب إلى فساد هذا القول، ثم نقل عن بعضهم: أنه صدقة عام، وقال بأنه تأويل فاسد أيضاً، وقال بأن أشبه المعاني به: أن المصدق إذا أخذ من الصدقة غير ما فيها، قيل: أخذ عقالاً، وإذا أخذ ثمناً، قيل: أخذه نقداً، ورجح هذا الوجه: المبرد في الكامل (١/ ٣٠٧)، والله أعلم.
ونقل البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٠٤) عن أبي داود من رواية أبي بكر محمد بن بكر ابن داسة عنه؛ أقواله في هذا الحديث، وزاد في آخره:«قال أبو داود: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: العقال صدقة سنة، والعقالان صدقة سنتين»، ثم قال البيهقي:«والعناق لا يتصور أخذها إلا فيما ذكرنا، والله أعلم؛ يعني فيما بوب به، فقال: «باب الأمهات تموت وتبقى السخال نصاباً فيؤخذ منها».
ثم قال في موضع آخر (٧/٤): اختلف فيه على يحيى بن سعيد الأنصاري، عن الزهري، فقيل عنه: عناقاً، وقيل: عقالاً»، ثم أسند إلى أبي عبيد، عن الكسائي، قال:«العقال صدقة عام»، وعن الأصمعي قال:«يقال: بعث فلان على عقال بني فلان، إذا بعث على صدقاتهم».