للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٧٢): «أما من زعم أن الرمل ليس بسنة، واحتج بقول ابن عباس هذا، فمغفّل فيما اختاره، وقد ظن في ذلك ظناً ليس كما ظن، والدليل على ذلك: … »، فذكر حديث أبي الطفيل عن ابن عباس في الرمل في عمرة الجعرانة، ثم قال: «ففي هاتين الروايتين أن رسول الله رمل الأشواط الثلاثة كلها، وقد كان في بعضها حيث لا يراه المشركون، وفي ذلك دليل على أنه ليس من أجلهم رمل، وبعد، فلو كان رمل من أجل المشركين في عمرته كما قال ابن عباس، ما منع ذلك من أن يكون الرمل سنة؛ لأن الرمل مأخوذ عنه، محفوظ في حجته التي حجها، وليس بمكة مشرك واحد يومئذ، فرمل رسول الله في حجته ثلاثة أشواط كملاً، ومشى أربعاً في حجة الوداع، ولا مشرك ينظر إليه حينئذ، فصح أن الرمل سنة»، إلى أن قال: «ولما ثبت هذا الحديث عن النبي بعد عدم المشركين في الأشواط الثلاثة؛ علمنا أن ذلك من سنة الطواف عند القدوم، وأنه لا ينبغي لأحد من الرجال تركه إذا كان قادراً عليه، وهو قول فقهاء الأمصار، كلهم يقولون بحديث جابر؛ لأنه الثابت في ذلك، والعلة التي حكاها ابن عباس مرتفعة، فبطل تأويل ابن عباس إن صح عنه، وبطل أن يكون في قوله حجة على السنة الثابتة».

٢ - سعيد بن جبير، عن ابن عباس:

• يرويه: عفان بن مسلم، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود، ومسدد بن مسرهد، وسليمان بن حرب، وحبان بن هلال، ويونس بن محمد المؤدب، ومحمد بن سليمان بن حبيب لوين [وهم ثقات]، قالوا:

حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم رسول الله وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غداً قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا. قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم. لفظ أبي الربيع [عند مسلم].

ولفظ سليمان بن حرب [عند البخاري]: قال: قدم رسول الله وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد [في رواية السمعاني عن أبي الوقت: وقد] وَهَنَهُم [وفي رواية: وهنهم. وفي أخرى وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.

ولفظ سليمان [عند الطحاوي]، وسليمان وحبان مقرونين عند أبي عوانة]: قال: قدم رسول الله مكة وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم [غداً] قوم قد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منه شدة، فلما قدموا قعد المشركون مما يلي

<<  <  ج: ص:  >  >>