• رواه وكيع بن الجراح، وحبان بن هلال، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي [وهم ثقات أثبات]، قالوا:
حدثنا الربيع بن مسلم [الجمحي: ثقة، من السابعة]: حدثنا عامر بن طهفة، إنه حج فلقي أبا الطفيل، فحدثه أنه دخل على ابن عباس، قال: فقلت له يا أبا عباس، إن قومك يزعمون أن الرمل بالبيت سنة، وأن رسول الله ﷺ قد فعل ذلك؟ فقال: صدقوا وكذبوا، قد فعل ذلك رسول الله ﷺ، وإنما فعله حين قدم معتمراً، فقالت قريش: احبسوا محمداً وأصحابه حتى يصيروا نغفاً، فلما قدم ﵇ مكة أحب أن يريهم أن بهم قوة، فرمل ثلاثاً، ومشى ما بين الركنين: اليماني والركن الأسود، وليست سنة.
قال: قلت: يا أبا عباس، إن قومك يزعمون بأن الطواف على الدابة سنة بين الصفا والمروة، وأن رسول الله ﷺ قد فعل ذلك؟ قال: صدقوا وكذبوا، قال: قلت: ما صدقوا؟ وما كذبوا؟ قال: فعله رسول الله ﷺ، وإنما فعله لأنه كان لا يُدع عنده أحد، وليست بسنة.
قال قلت: يا أبا عباس، إن قومك يزعمون أن السعي في بطن الوادي سنة، وأن رسول الله ﷺ قد فعل ذلك؟ قال: صدقوا، قال: قلت: ما صدقوا؟ قال: إن جبريل ﵇ لما أتى إبراهيم ﵇ أقام له المناسك، طاف بالبيت، ثم خرج به إلى الصفا، فلما انحدر إبراهيم عرض عليه الشيطان ليقطع طوافه، فسعى حتى سبقه فعل ذلك سبعة أشواط حتى فرغ من طوافه، ثم خرج به إلى منى، فلما انتهى به إلى العقبة الكبرى تخيل له الشيطان هناك، فرماه بسبع حصيات، فساخ في الأرض، ثم انتهى إلى الجمرة الوسطى فتخيل له الشيطان، فرآه فرماه بسبع حصيات، فساخ في الأرض، ثم ذهب به إلى الجمرة القصوى، فتخيل له الشيطان، فرماه بسبع حصيات، فساخ في الأرض، فذهب، وعندها تل ابنه للجبين، ثم خرج به إلى جمع، فقال: هذا مبيت الناس، ومن ها هنا يدفعون، ثم ذهب إلى عرفات، ثم قال: تدري لم سميت عرفات؟ قال: قلت: لا، قال: إن جبريل ﵇ لما وقف بإبراهيم على عرفات، قال له: هل عَرَفْتَ؟ قال: نعم، ثم قال له: يا أبا الطفيل، هل تدري من أين كانت التلبية؟ قال: لا، قال: إن الله جل وعز أوحى إلى إبراهيم ﵇ أن أذن في الناس بالحج، فقام إبراهيم ﷺ، فتواضعت الجبال وارتفعت القرى، فقال إبراهيم ﵇: أيها الناس، إن ربكم ﷿ يدعوكم فأجيبوه، فأقبلوا وهم يقولون: لبيك اللهم لبيك. لفظ الفراهيدي [عند المحاملي].
ولفظ وكيع [عند إسحاق]: قال: لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج، رفعت له القرى، وتواضعت له الجبال، فقال: يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابوه.
ولفظ وكيع [عند الطبري]: إنما سميت عرفات، لأن جبريل ﵇ كان يقول لإبراهيم: هذا موضع كذا، وهذا موضع كذا، فيقول: قد عرفت، فلذلك سميت عرفات.