ولا يُحفظ هذا من حديث منصور إلا من رواية يحيى بن يمان، عن الثوري. وقد تابعه: عبد العزيز بن أبان - وهو متروك، عن الثوري، وتابعهما أيضاً: اليسع بن إسماعيل - وهو ضعيف، - عن زيد بن الحباب، عن الثوري.
وإنما حديث الكلبي: الذي عند الناس.
والثوري: عن منصور، عن خالد بن سعد عن أبي مسعود؛ أنه كان يمسح على الجوربين. فيقال: أن يحيى بن يمان انقلب عليه هذا الحديث، ودخل عليه في حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن المطلب، والله أعلم».
• وخالف جميع هؤلاء النقاد؛ فلم يعبأ بحجتهم، مع كونه ليس من أهل هذا الفن، بل ممن تجرأ عليه، وممن كان همه نصر إمامه ولو كان على باطل: القدوري حيث قال في التجريد (١٢/ ٦٠٩٥): «فإن قيل: تفرد بهذا الحديث يحيى بن يمان، ولم يتابعه أحد من أصحاب الثوري عليه؛ لأن يحيى بن يمان من أصحاب الثوري، وهو آخر من بقي ممن شبه هديه هدي رسول الله ﷺ، ومتى رجعت إلى الأخبار وجدت أكثرها منفرد به الواحد»، ثم ادعى بأن هذا الحديث ذكر بحضرة أبي أسامة حماد بن أسامة؛ فلم ينكره، مع كون يحيى بن آدم حدث به في مجلس أبي أسامة، وقال: هو غريب، ولم ينكر ذلك عليه أبو أسامة!
وقال ابن حزم في المحلى (٦/ ١٨٣): «وأما خبر أبي مسعود: فهو من طريق يحيى بن يمان، وعبد العزيز بن أبان، وكلاهما متفق على ضعفه».
وقال البيهقي في الكبرى (٨/ ٣٠٤): «ورواه يحيى بن يمان عن سفيان، فغلط في إسناده»، ثم نقل قول ابن مهدي لمحمد بن المثنى: لا تحدث بهذا.
ثم قال:«وقد سرقه عبد العزيز بن أبان فرواه عن سفيان، وسرقه اليسع بن إسماعيل فرواه عن زيد بن الحباب عن سفيان، وعبد العزيز بن أبان متروك، واليسع بن إسماعيل: ضعيف الحديث. أخبرنا بذلك أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو بكر بن الحارث، عن أبي الحسن الدارقطني.
ورواه جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قصة طواف النبي ﷺ ودعائه بشراب، قال: فأتي بشراب فشرب منه، ثم دعا بالماء فصبه فيه فشرب، ثم اشتدَّ عليه فدعا بماء فصبه فيه، ثم شرب مرتين أو ثلاثة، ثم قال: إذا اشتد عليكم فاقتلوه بالماء. ويزيد بن أبي زياد ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه.
وقد روى خالد الحذاء، عن عكرمة عن ابن عباس، قصة طواف النبي ﷺ وشربه، لم يذكر فيها ما ذكر يزيد بن أبي زياد، وإنما تعرف هذه الزيادة من رواية الكلبي كما مضى، وزاد زد شربه منه قبل خلطه بالماء، وهو بخلاف سائر الروايات، وكيف يظن بالنبي ﷺ أن يشرب المسكر - إن كان مسكراً على زعمهم - قبل أن يخلطه بالماء؟ فدل على أنه لا أصل له، والله أعلم».