للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونقل أبو طالب عن أحمد: يجزئه، ليس هما واجبتين، ونقل الأثرم عنه: أرجو أن يجزئه.

وهذا قد يشعر أنه قد يحصل له بذلك: الفرض وركعتا الطواف؛ فيكون من الضرب الأول، لكن لا تعتبر هنا نية ركعتي الطواف. ويشبه هذا: الرواية التي حكاها أبو حفص البرمكي عن أحمد في الجنب إذا اغتسل، ينوي الجنابة وحدها: أنه يرتفع حدثه الأصغر تبعاً، وهي اختيار الشيخ تقي الدين. وقد يقال: المقصود أن يقع عقب الطواف صلاة، كما أن المقصود أن يقع قبل الإحرام صلاة، فأي صلاة وجدت؛ حصلت المقصود».

• وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٨٧): «ثبت أن رسول الله طاف ثم صلى الركعتين عند المقام. وأجمع أهل العلم على أن الطائف يجزيه ركعتا الطواف حيث ما صلاهما إلا مالكاً، فإنه كره أن يصلي ركوع الطواف في الحجر. فأما عطاء، والثوري، والشافعي، وأكثر من لقيناه من أهل العلم فإنهم يقولون: ذلك جائز في الحجر. وكان ابن الزبير: يطوف بعد الغداة، ثم يصلي في الحجر قبل أن تطلع الشمس، وصلى سعيد بن جبير في الحجر. وابن عمر صلى في البيت ركعتي الطواف.

وقال مالك: إن صلى صلاة الطواف الواجب في الحجر أعاد الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وإن لم يركعهما حتى بلغ بلده أهراق دماً ولا إعادة عليه.

قال أبو بكر: وليس يخلو من صلى في الحجر ركوع الطواف أن يكون قد صلاهما فلا إعادة عليه، أو يكون في معنى من لم يصلهما فعليه: يعيد أبداً، وأما أن يكون وهو بمكة في معنى من لم يصلهما، وإن رجع إلى بلده في معنى من قد صلاهما، فلا أعلم لقائله حجة يرجع إليها في التفريق بينهما، ولا أعلم الدم يجب في شيء من أبواب الصلاة».

ثم قال (٣/ ٢٨٨): «واختلفوا فيمن نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلده، فقال عطاء، والحسن البصري، والشافعي، وأصحاب الرأي: يركعهما حيث ذكر من حل أو حرم. وقال سفيان الثوري: يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم. قال مالك: إن لم يركعهما حتى يرجع إلى بلده فعليه هدي.

أقول كما قال عطاء، وليس ذلك بأكثر من صلاة المكتوبة التي ليس على من تركها إلا قضاها حيث كان، والله أعلم».

وقال الماوردي في الحاوي الكبير (٤/ ١٥٣) في ركعتي الطواف واختلاف أصحاب الشافعي في حكمهما على قولين: أحدهما: إنهما واجبتان؛ لقوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، يعني صلاة، ولأن رسول الله فعلهما، وفعله إما أن يكون بياناً أو ابتداء شرع، وأيهما كان دل على الوجوب.

والقول الثاني: إنهما مستحبتان؛ لقوله للأعرابي حين قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تتطوع. فجعل ما سوى الخمس تطوعاً».

وقال: «فإن ترك ركعتي الطواف عامداً أو ناسياً: فإن قلنا: إنهما مستحبتان؛ فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>