أبي الزبير، عن أبي ماعز، قال: جاءت امرأة إلى ابن عمر، فقالت: إني أتوضأ، ثم أخرج إلى المسجد، فينصب مني الدم حتى يسيل على قدمي، قال: أنت امرأة مستحاضة، انطلقي إلى بيتك، ثم استذفري، ثم طوفي بالبيت.
أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (٢٦١٦ و ٢٦١٩) [الموضع الأول: بسنده سقط].
وهذا صحيح عن ابن عمر موقوفا عليه قوله، لما تقدم بيانه.
د - وروى جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، عن ابن عمر في المستحاضة؟ قال: مرها فلتغتسل، ولتستنق بجهدها، ولتستذفر بثوب نظيف، ثم لتطف بالبيت.
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٣٥٧/ ١٥١٤٥ - ط الشثري).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
هـ - وروى معمر بن راشد [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا واصل مولى أبي عيينة [ثقة، من السادسة]، عن رجل سأل ابن عمر، عن امرأة تطاول بها دم الحيضة، فأرادت أن تشرب دواء يقطع الدم عنها؟ فلم ير ابن عمر به بأسا، ونعت ابن عمر ماء الأراك.
أخرجه عبد الرزاق (٢/٢٧/١٢٦٦ - ط التأصيل الثانية) (٢/ ٨١ - فتح الباري لابن رجب).
قلت: لا يثبت هذا عن ابن عمر؛ لأجل المبهم.
قال ابن رجب في الفتح (٢/ ٨١): « … ولكن قد روي عن ابن عمر ما يشعر بمنع المستحاضة من الطواف، فروى عبد الرزاق، عن معمر، عن واصل مولى ابن عيينة، عن رجل سأل ابن عمر، عن امرأة تطاول بها الدم، فأرادت تنفر، وأرادت تشرب دواء ليقطع عنها الدم؟ قال: لا بأس به، ونعت ابن عمر لها ماء الأراك. وقال ابن جريج، عن عطاء: أنه لم ير به بأسا. وقال معمر: وسمعت ابن أبي نجيح يسأل عن ذلك، فلم ير به بأسا.
فظاهر هذا: أن المستحاضة مع تطاول الدم بها لا تطوف حتى ينقطع عنها الدم، مع أنه يمكن حمله على تطاول دم الحيض ومجاوزته للعادة، أو على أن الأولى للمستحاضة أن لا تطوف حتى ينقطع دمها، وجمهور العلماء على جواز ذلك. وقد خرجه عبد الرزاق في موضع آخر من كتابه، وقال فيه: إن ابن عمر سئل عن امرأة تطاول بها دم الحيضة».
قلت: أما أثر ابن عمر فإن ظاهره في دم الحيض، لا في دم الاستحاضة، ومن ثم فإنه لا يعد خلافا في المسألة، ثم إنه لا يثبت عن ابن عمر؛ وإنما الثابت عنه إباحة الطواف للمستحاضة بإسناد صحيح، فلا يعارض بمثل هذا، ثم إن الجمهور على إباحته، وأما ما أورده من آثار عن التابعين فإنما هي في شرب الدواء لمنع دم الحيض لأجل الطواف أو الصوم، وليست هي في دم الاستحاضة، فظهر بذلك المقصود، والله المستعان.