للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال القاضي عبد الوهاب في الرسالة (٢/ ١٤٢): «وأفعال الحج كلها تجرى بغير طهارة إلا الطواف؛ فإن من شرطه الطهارة؛ فلا يصح من محدث أو جنب أو حائض. هذا قولنا، وقول الشافعي. وقال أبو حنيفة: الطهارة واجبة للطواف، وليست شرطاً فيه. ومن [أصحابه] من يقول: ليست بواجبة فيه أصلاً، إلا أنهم متفقون على أنها ليست بشرط فيه وأنه إن طاف على غير طهارة أجزأه».

وقال الماوردي في الحاوي الكبير (٤/ ١٤٨): «قال الشافعي : فإن أحدث توضأ وابتدأ، فإن بنى على طوافه أجزأه».

قال الشافعي: فإن حصلت في نعله نجاسة وهو في الطواف خلعها، فإن لم يخلعها ومضى في طوافه لم يجزه؛ لأن استدامة الطهارة واجبة في جميعه، فإذا ثبت أن عليه الخروج من طوافه للطهارة، فخرج وتطهر ثم عاد، فإن كان الزمان قريباً بنى على الماضي من طوافه وأجزأه، لأن يسير التفريق في الطواف مباح، لإجماعهم على إباحة جلوسه للاستراحة. وإن كان الزمان بعيداً، ففي جواز البناء قولان: أحدهما: وهو قوله في القديم: يستأنف ولا يبني؛ لأنها عبادة من شرط صحتها الطهارة، فوجب أن يكون من شرط صحتها الموالاة كالصلاة. والقول الثاني: قاله في الجديد: يبني ولا يستأنف؛ لأنها عبادة تصح مع التفريق اليسير، فوجب أن يصح مع التفريق الكثير، كسائر أفعال الحج طرداً والصلاة عكساً، وسواء كان الحدث منه سهواً أو عمداً».

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ١٨٩): «مسألة: والطواف بالبيت على غير طهارة جائز، وللنفساء، ولا يحرم إلا على الحائض فقط؛ لأن رسول الله منع أم المؤمنين - إذ حاضت - من الطواف بالبيت كما ذكرنا قبل وولدت أسماء بنت عميس بذي الحليفة فأمرها بأن تغتسل وتهل، ولم ينهها عن الطواف؛ فلو كانت الطهارة من شروط الطواف لبينه رسول الله كما بين أمر الحائض، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى … إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤، ٣]، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤]، ولا فرق بين إجازتهم الوقوف بعرفة، والمزدلفة، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمرة على غير طهارة، وبين جواز الطواف على غير طهارة إلا حيث منع منه النص فقط».

وقال أبو يعلى الفراء في التعليقة الكبيرة (٢/٥): «مسألة: إذا طاف محدثاً، أو على بدنه نجاسة، أو مكشوف العورة، لم يجزئه، وعليه الإعادة في أصح الروايتين. نص عليها في رواية أبي طالب: إذا طاف محدثاً أو جنباً أعاد طوافه. وكذلك نقل حنبل عنه إذا طاف بالبيت طواف الواجب غير طاهر لم يجزئه. وكذلك نقل الأثرم وابن منصور. وبهذا قال مالك والشافعي. وروى بكر بن محمد، عن أبيه، عن أحمد في من طاف للزيارة أو للصدر، وهو جنب أو على غير وضوء: أرجو أن يجزئه أن يهريق دماً إذا كان ناسياً.

وكذلك نقل الميموني فقال: الناسي أهون بكثير. وظاهر هذا أن الطواف جائز وعليه دم. وهو قول أبي حنيفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>