للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للصلاة دخول الوقت فلا تصح قبله بخلاف الطواف فلا وقت له، والصلاة يقطعها مرور المرأة والحمار والكلب الأسود بخلاف الطواف فلا يقطعه شيء من ذلك، والمصلي مأمور بأن يدفع المار بين يديه بخلاف الطائف، ويتخذ المصلي السترة بين يديه بخلاف الطائف، وغير ذلك من الفروق الكثيرة، والتي تبين عدم صحة قياس الطواف على الصلاة في اشتراط الطهارة، والله أعلم.

والأظهر عندي - والله أعلم - أن هذا اجتهاد من ابن عباس، استنبطه من دليل آخر، فإنه راوي هاتيك الواقعة التي تكلم فيها النبي أثناء الطواف:

• فقد روى هشام بن يوسف الصنعاني، وعبد الرزاق بن همام، وحجاج بن محمد المصيصي، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وروح بن عبادة، وخالد بن الحارث، ومخلد بن يزيد الحراني:

عن ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول؛ أن طاووساً أخبره، عن ابن عباس ؛ أن النبي مر وهو يطوف بالكعبة، بإنسان ربط يده إلى إنسان، بِسَيْرٍ أو بخيط أو بشيء غير ذلك، فقطعه النبي بيده، ثم قال: «قُدهُ بيده».

وقال: إن النبي مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقود إنساناً بخزامة في أنفه، فقطعها النبي بيده، ثم أمره أن يقوده بيده.

أخرجه البخاري (١٦٢٠ و ١٦٢١ و ٦٧٠٢ و ٦٧٠٣)، وأبو داود (٣٣٠٢)، والنسائي في المجتبى (٥/ ٢٢١) و (٢٩٢٠ و ٢٩٢١) و (٧/١٨/٣٨١٠ و ٣٨١١)، وفي الكبرى (٤/ ٤٥٠/ ٤٧٣٣ و ٤٧٣٤)، وأبو عوانة (١٢/ ٦٤٧ - ٦٤٩/ ٦٢٩١ - ٦٢٩٤)، وابن خزيمة (٤/ ٢٢٧/ ٢٧٥١ و ٢٧٥٢)، وابن حبان (٩/ ١٤٠ و ١٤١/ ٣٨٣١ و ٣٨٣٢)، وأحمد (١/ ٣٦٤)، وعبد الرزاق (٨/ ٢٧٠/ ١٧٠٢٢ و ١٧٠٢٣ - ط التأصيل الثانية)، وغيرهم. [التحفة (٤/ ٤١٠/ ٥٧٠٤)، الإتحاف (٧/ ٢٨٤/ ٧٨٢٠)، المسند المصنف (١٢/ ٢٠٥/ ٥٨٣٨)] [ويأتي تخريجه قريباً في باب: من قاد غيره في الطواف، من الأبواب المستدركة على أبي داود، تحت هذا الحديث].

ولهذا فإن ابن عباس قد ترجم هذه الواقعة بقوله: الطواف صلاة؛ إلا أن الله أباح فيه الكلام، أو قال: الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا الكلام فيه، يعني بذلك إباحة الكلام في الطواف مع إقلال الكلام فيه حسب، لا أن أحكام الطواف كأحكام الصلاة، فيشترط للطواف ما يشترط للصلاة، كالطهارة ودخول الوقت واستقبال القبلة وستر العورة، وأنه لم يستثن من أحكامها سوى الكلام، وهذا ظاهر وجلي، والله أعلم.

• قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في مبتدأ كلامه في الرد على من احتج بهذا الحديث في إيجاب الوضوء للطواف، أو في اشتراط الوضوء لصحة الطواف، قال: «والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً؛ فإنه لم ينقل أحد عن النبي لا بإسناد صحيح ولا ضعيف: أنه أمر بالوضوء للطواف، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>