للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مَرْفُوعاً، وخالفهم حماد بن سلمة وشجاع بن الوليد فروياه عن عطاء «موقوفاً»، ويلاحظ من أقوال البيهقي عدم تأثره بشيخ شيخه الدارقطني، وأنه لا ينقل عن كتابه العلل، بل يستقل بالإعلال.

ثم كيف يذكر الدارقطني رواية إبراهيم بن ميسرة مهملة غير مبينة، هل هي عن ابن عباس، أم عن ابن عمر؟ ولها أيضاً أثر كبير في الترجيح، فإنه من المكثرين عن طاووس، وروايته عنه في الصحيحين، وقد رواها: سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: كنت أطوف مع طاووس، فقال لي: ألم أقل لك؟ قلت: لا أدري والله، قال: ألم أقل لك: إن ابن عباس قال: إذا طفت بالبيت فأقلل فيه الكلام، فإنه صلاة. وفي هذه القصة سبب للترجيح، حيث لم يروها إبراهيم عن طاووس حسب، بل أخذها عنه حال الطواف، وهذه القرينة من أكبر المرجحات الدالة على كون طاووس كان يروي هذا القول عن ابن عباس، لا عن ابن عمر، ولم ينفرد به ابن عيينة عن إبراهيم، بل تابعه عليه: ابن جريج، وأبو عوانة؛ فروياه عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا به الكلام. وهذا الأثر مشتهر أيضاً، مروي في المصنفات المشهورة، فقد رواه النسائي في الكبرى، وعبد الرزاق في المصنف، والأزرقي في أخبار مكة، والفاكهي في أخبار مكة، وغيرهم، كذلك فإن الدارقطني لم يشر إلى الاختلاف على ابن جريج عن الحسن بن مسلم في رفع الحديث ووقفه، وإن كان وقفه هو الراجح، حيث اقتصر على ذكر المرفوع حسب، ولا عتب على الدارقطني في إغفال رواية قيس بن سعد لغرابتها، وعدم وقوفه عليها.

• وممن رجح الموقوف أيضاً: النسائي، والترمذي، والبيهقي.

وقال ابن الصلاح في شرح مشكل الوسيط (٣/ ٣٦٩): « … وروي موقوفاً على ابن عباس من قوله، والموقوف أصح، والله أعلم».

وقال النووي في شرح مسلم (٨/ ٢٢٠) - والسياق له، وفي المجموع (٨/٤٦): «رفعه ضعيف، والصحيح عند الحفاظ أنه موقوف على ابن عباس، وتحصل به الدلالة مع أنه موقوف، لأنه قول لصحابي انتشر، وإذا انتشر قول الصحابي بلا مخالفة؛ كان حجة على الصحيح»، قلت: سيأتي بيان ضعف هذا القول في هذا الحديث.

وقال ابن تيمية في المجموع (٢٦/ ١٢٦): «قوله: «الطواف بالبيت صلاة»: لم يثبت عن النبي ، ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعاً».

وقال ابن القيم في حاشية السنن (١/ ٦٦): «قد اختلف في رفعه ووقفه، فقال النسائي والدارقطني وغيرهما: الصواب أنه موقوف».

ونقل ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٤٨٧) عن ابن الصلاح والمنذري والنووي تصويب رواية الوقف، وخالفهم في ذلك ابن الملقن، وانظر أيضاً: التلخيص الحبير (١/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>