ونقل ابن القاسم عنه:«لا بأس أن يؤخر طواف الإفاضة حتى يريد الانصراف» [الروايتين والوجهين (١/ ٢٨٩)].
قال غلام الخلال في زاد المسافر (٣/ ٥١/ ١٩١٧ و ١٩١٨): «قال أبو عبد الله في رواية حبيش بن سندي: إذا ترك الرجل طواف الزيارة إلى وقت خروجه، لا يجزئه طوافه للزيارة وللوداع، ويطوف طواف الواجب، فإذا أراد الخروج طاف للوداع، لا بد من أن يأتي للزيارة طوافاً، وللوداع طوافاً.
وقال في رواية المروذي: يُسرع المشي في الطواف أحبُّ إليَّ. وذكر أن النبي ﷺ سعى وهو يقول: لا يُقطع الأبطح إلا شداً».
وقال ابن رجب في تقرير القواعد (١/ ١٤٩ - ط الركائز): «لو أخر طواف الزيارة إلى وقت خروجه، فطافه؛ فهل يسقط عنه طواف الوداع أم لا؟ على روايتين، ونص في رواية ابن القاسم على سقوطه».
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٨٠): «واختلفوا فيمن طاف [الطواف] الواجب أقل من سبع ورجع إلى بلده؛ فكان الشافعي وأبو ثور يقولان: عليه الرجوع وإكمال الطواف. وكان عطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، يقولون: لا يجزئ إلا سبع طواف. وحفظي عن مالك أنه قال ذلك.
وقال أصحاب الرأي: إذا طاف من يوم النحر ثلاثة أشواط وترك أربعة ولم يطف طواف الصدر، ثم رجع إلى الكوفة، فعليه أن يعود حتى يطوف ما بقي عليه من يوم النحر، وعليه لتأخيره إياه دم، فيطوف طواف الصدر، وإن كان طاف أربعة أطواف من طواف يوم النحر كان عليه دمان، دم لما بقي عليه من طواف يوم النحر، والآخر لطواف الصدر.
قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول، والنبي ﷺ المبين عن الله ﷿ معنى ما أراد، فلما كان النبي ﷺ المنبئ عن الله ﷿ أن فرض صلاة الظهر أربع ركعات، كذلك هو المنبئ عن الله أن فرض الطواف سبع، ولا يجزئ أقل منه، لأن الله ﷿ قال: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ الآية، وقال: ﴿وَلْيَطَوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، فبين النبي ﷺ عدد ذلك كله». وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٣٦٢): «قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ الآية، وأجمع أهل العلم على أن هذا الطواف هو الطواف الواجب طواف الإفاضة، وثبت أن رسول الله ﷺ أفاض يوم النحر، ولا أعلمهم يختلفون أن من أخر الطواف عن يوم النحر وطاف في أيام التشريق؛ أنه مؤد للفرض الذي أوجبه الله عليه، ولا شيء عليه في تأخيره.
واختلفوا فيما يجب على من أخر الإفاضة حتى مضت أيام التشريق، فكان عطاء، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، يقولون: لا شيء عليه.
وكان عمرو بن دينار وابن عيينة يطوفان طواف الزيارة بعد الصدر بأيام، وقال أحمد وإسحاق: لا بأس أن يؤخر الإفاضة إلى آخر النفر.