الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة سواء لا يجزئ واحد منهما راكباً؛ إلا أن يكون له عُذْر. وكذلك قال أبو ثور: من سعى بين الصفا والمروة راكباً لم يجزه وعليه أن يعيد. وقال مجاهد: لا يركب إلا من ضرورة. وهو قول مالك. وقال الشافعي: لا ينبغي له أن يطوف بالبيت ولا يسعى راكباً، فإن فعل فلا دم عليه من عذر كان ذلك أو من غير عذر. وذكر أن أنس بن مالك وعطاء طافا راكبين. وقال أبو حنيفة: إن سعى راكباً بين الصفا والمروة أعاد ما دام بمكة، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم، وكذلك إن طاف بالبيت راكباً عنده. وقال هشام بن عبيد الله عن محمد بن الحسن: لو طاف بأمه حاملاً لها أجزأه عنه وعنها، وكذلك لو استأجرت امرأة رجلاً يطوف بها كان الطواف لهما جميعاً، وكانت الأجرة له».
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢١٣): «اختلف العلماء فيمن طاف بالبيت راكباً ومحمولاً. فقال مالك: إن كان من عذر أجزأهما، وإن كان من غير عذر أعادا جميعاً، وإن رجع المحمول إلى بلده كان عليه أن يهدي دماً. قال: ولو طاف بصبي وسعى بين الصفا والمروة أجزأه عن نفسه وعن الصبي إذا نوى ذلك. وهو قول الليث في الطواف، والسعي عنده بمنزلة الطواف. وقال مالك في المريض يطاف به محمولاً ثم يفيق: أحب إلي أن يعيد ذلك الطواف. وذكر ابن القاسم عنه قال: يطوف لنفسه من أراد أن يطوف بالصبي، ثم يطوف بالصبي، ولا يركع عنه ولا شيء على الصبي في ركعتيه. قال: ومن طاف بالبيت محمولاً من غير عذر، قال ابن القاسم: أرى أن يعيد؛ فإن رجع إلى بلاده عاد فطاف وأهراق دماً، وإن طاف راكباً أعاد، وإن طال فعليه دم، وإن سعى بالصبي من لم يسع بين الصفا والمروة فهو أخف من الطواف بالبيت ويجزئه، ولا بأس أن يسعى لنفسه والصبي معه سعياً واحداً ويجزئهما جميعاً على راحلته.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن طاف راكباً من غير عذر، فعليه أن يعيد إن كان بمكة، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم، وإن طاف راكباً من عذر أجزأه، وكذلك المحمول عند محمد بن الحسن، فقال: لو طاف بأمه حاملاً لها أجزأه عنه وعنها، وكذلك لو استأجرت امرأة رجلاً يطوف بها حاملاً كان الطواف لهما جميعاً والأجر له»، ثم ساق قول الشافعي السابق ذكره، مع استدلاله له بحديث: ابن عباس وجابر، ثم قال: «وقال أبو ثور: إذا كان الرجل مريضاً فطاف محمولاً أو على دابة أجزأه ذلك، وإن طاف راكباً أو محمولاً من غير علة ولا عذر لم يجزه ذلك، وكان عليه أن يعيد، وكان بمنزلة من صلى وهو صحيح قاعداً.
قال أبو عمر: أما من صلى وهو صحيح قادر على القيام جالساً فصلاته باطلة بإجماع من العلماء، إذا كان إماماً أو منفرداً، فكيف يقاس على هذا الأصل ما فرقت السنة بينهما بما ذكرنا من حديث ابن عباس وغيره: أن رسول الله ﷺ طاف على راحلته، ولم يقل: إن طوافي ذلك لعذر، ولا نقل ذلك من يوثق بنقله، ومعلوم أن التأسي به مباح أو واجب حتى