يتبين أنه له خصوص بما لا دفع فيه من الخبر اللازم؛ إلا أنه قد روي في حديث بن عباس أن طوافه راكباً كان لشكوى [قلت: والرواية في كونه كان شاكياً منكرة].
• وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٢٤٩): «مسألة؛ قال: ومن طاف وسعى محمولاً لعلة، أجزأه. لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في صحة طواف الراكب إذا كان له عذر، … »، ثم احتج له بحديث ابن عباس، وأم سلمة، وجابر، ثم قال:«والمحمول كالراكب فيما ذكرناه.
فصل: فأما الطواف راكباً أو محمولاً لغير عذر، فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ. وهو إحدى الروايات عن أحمد؛ لأن النبي ﷺ قال: الطواف بالبيت صلاة. [قلت: لا يصح رفعه، إنما قاله ابن عباس اجتهاداً منه]، ولأنها عبادة تتعلق بالبيت، فلم يجز فعلها راكباً لغير عذر، كالصلاة. والثانية، يجزئه، ويجبره بدم. وهو قول مالك. وبه قال أبو حنيفة، إلا أنه قال: يعيد ما كان بمكة، فإن رجع جبره بدم؛ لأنه ترك صفة واجبة في ركن الحج، فأشبه ما لو وقف بعرفة نهاراً، ودفع قبل غروب الشمس.
والثالثة، يجزئه، ولا شيء عليه. اختارها أبو بكر. وهي مذهب الشافعي، وابن المنذر؛ لأن النبي ﷺ طاف راكباً. قال ابن المنذر: لا قول لأحد مع فعل النبي ﷺ. ولأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقاً، فكيفما أتى به أجزأه، ولا يجوز تقييد المطلق بغير دليل. ولا خلاف في أن الطواف راجلاً أفضل؛ لأن أصحاب النبي ﷺ طافوا مشياً، والنبي ﷺ في غير حجة الوداع طاف مشياً، وفي قول أم سلمة: شكوت إلى النبي ﷺ أني أشتكي، فقال: «طوفي من وراء الناس، وأنت راكبة»؛ دليل على أن الطواف إنما يكون مشياً، وإنما طاف النبي ﷺ راكباً لعذر، فإن ابن عباس روى أن رسول الله ﷺ كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، هذا محمد، حتى خرج العواتق من البيوت، وكان رسول الله ﷺ لا يضرب الناس بين يديه، فلما كثروا عليه ركب. رواه مسلم. وكذلك في حديث جابر، فإن الناس غشوه. وروي عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ طاف راكباً؛ لشكاة به [قلت: ولا يثبت بهذا القيد].
وبهذا يعتذر من منع الطواف راكباً عن طواف النبي ﷺ، والحديث الأول أثبت.
فعلى هذا يكون كثرة الناس، وشدة الزحام عذراً. ويحتمل أن يكون النبي ﷺ قصد تعليم الناس مناسكهم، فلم يتمكن منه إلا بالركوب، والله أعلم.
فصل: إذا طاف راكباً أو محمولاً، فلا رمل عليه. وقال القاضي: يخب به بعيره. والأول أصح؛ لأن النبي ﷺ لم يفعله، ولا أمر به، ولأن معنى الرمل لا يتحقق فيه.
فصل: فأما السعي راكباً، فيجزئه لعذر ولغير عذر؛ لأن المعنى الذي منع الطواف راكباً غير موجود فيه.