للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على أصل؟ … ، وإذ كان الطواف راكباً في حال العذر وغير العذر جائزاً لما وصفنا، فالطواف محمولاً على رقاب الرجال مثله في أنه جائز، لأنه في تلك الحالتين غير طائف على قدميه، وإذا كان له الطواف على حمار أو فرس، لصحة الخبر عن رسول الله بأنه طاف على بعيره، فكذلك مثله الطواف محمولاً على عواتق الرجال، في أن له ذلك، وأنه إذا طاف كذلك فلا قضاء عليه ولا فدية».

وقال ابن بطال في شرح البخاري (٤/ ٢٩٣): «واختلفوا في الطواف راكباً أو محمولاً، … »، فذكر قول الشافعي، ثم قال: «وذهب مالك، والليث، وأبو حنيفة، إلى أن من طاف بالبيت راكباً أو محمولاً فإن كان من عذر أجزأه، وإن كان من غير عذر فعليه أن يعيد إن كان بمكة، وإن رجع إلى بلاده فعليه دم».

وقال الماوردي في الحاوي (٤/ ١٥١): «طواف الماشي أولى وأفضل من طواف الراكب، وهذا مما لا يُعرف خلاف فيه؛ لأن النبي طاف في عمره كله ماشياً، وطاف في حجه طواف القدوم ماشياً، وإنما طاف مرة في عمره طواف الإفاضة راكباً، ولأنه يؤذي الناس بزحام مركوبه، ولا يؤمن تنجيس المسجد بإرسال بوله، فإن طاف راكباً أجزأه معذوراً كان أو غير معذور، ولا دم عليه بحال، وقال أبو حنيفة: يجزئه الطواف وعليه دم إن كان غير معذور».

ثم ذكر أدلة الفريقين، ثم قال: «قال الشافعي: ولا أعلمه في تلك الحجة اشتكى، ولأنه ركن لو أداه ماشياً لم يجبره بدم، فوجب إذا أداه راكباً أن لا يجبره بدم كالوقوف وغيره، ولأنه طاف راكباً فوجب أن لا يلزمه لجبرانه دم كالمريض، فأما ما استدل به فغير دال له، لأنه يقتضي أن لا يجوز طواف الراكب لغير عذر، وقد أجمعنا على جواز طوافه، وإنما اختلفنا في وجوب الدم لجبرانه، وليس في ذلك دليل عليه، فإذا ثبت أن ذلك مجزئ، ولا دم فيه فهو مكروه لغير المعذور، لأن النبي إنما فعل ذلك مرة واحدة؛ لأنه أحب أن يشرف للناس ليسألوه وليس لأحد في هذا الموضع مثله، فكذا لو طاف محمولاً على أكتاف الرجال لغير عذر وكرهناه، فإن كان معذوراً بمانع من مرض أو زمانة فالأولى أن يطوف محمولاً ولا يطوف راكباً، فإن طاف راكباً كان أيسر حالاً من ركوب غير المعذور، وركوب الإبل أيسر حالاً من ركوب البغال والحمير، … ».

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ١٨٩): «مسألة: والطواف والسعي راكباً جائز، وكذلك رمي الجمرة لعذر ولغير عذر، … ، وقد روينا عن عمر، وعروة المنع من ذلك، ولا حجة في أحد مع رسول الله ».

وقال في حجة الوداع (١٥٧): ليس ما ذكر من أنه طاف بين الصفا والمروة راكباً بمعارض لما ذكر في بعض ما أوردنا من الأحاديث من قول الراوي: انصبت قدماه؛ لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله، وانصبت قدماه أيضاً مع سائر جسده، وكذلك ذكر الرمل، يعني: رمل الدابة براكبها، وقد جاء النص كما ترى أنه لم يطف

<<  <  ج: ص:  >  >>