• وقال الماوردي في الحاوي الكبير (٤/ ١٣٢): «مسألة: قال الشافعي ﵁: ويفتتح الطواف بالاستلام، فيقبل الركن الأسود.
قال الماوردي: وهذا كما قال؛ إذا أراد الطواف، فيجب أن يبتدئ بالحجر الأسود، ولأن رسول الله ﷺ بدأ به، ثم يصنع خمسة أشياء:
أحدها: أن يحاذيه بيديه، لرواية ابن عمر: أن النبي ﷺ لما دخل المسجد استقبل الحجر، فإن حاذى جميع الحجر بجميع بدنه كان أولى، وإن حاذى بعض الحجر بجميع بدنه أجزأه، … ، والثاني: أن يستلمه بيده، لرواية ابن عمر أن النبي ﷺ استلمه … الثالث: أن يقبله بفيه، وكره مالك تقبيله، وقال: يستلمه، ثم يقبل يده … .، قال الشافعي: ويقبل الحجر بلا تصويت ولا تطنين هكذا السنة فيه. والرابع: أن يسجد عليه إن أمكنه، قال الشافعي: لأن فيه تقبيلاً، وزيادة سجود لله ﷿. وقال مالك: السجود عليه بدعة … . [قلت: صح من فعل ابن عباس موقوفاً عليه، ولا يثبت في السجود عليه حديث مرفوع]. والخامس: أن يقول عند استلامه: بسم الله، والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً لكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد ﷺ، فقد روي ذلك عن النبي ﷺ، وهو المختار عند الشافعي [قلت: الذي ثبت في السنة المرفوعة: التكبير حسب]، … ، وما قال من ذكر الله وتعظيمه فحسن، فإذا ثبت ما ذكرنا من هذه الأمور الخمسة، فجميعها سنة غير واجبة إلا محاذاة الحجر الأسود لا غير، فإن كانت زحمة لا يقدر معها على الاستلام والتقبيل إلا بزحام الناس؛ نظر، فإن كان إن صبر يسيراً خف الزحام وأمكنه الاستلام صبر، وإن علم أن الزحام لا يخف ترك الاستلام ولم يزحم الناس وأشار إليه رافعاً ليده ثم يقبلها. [قلت: تقدم بيان أن التقبيل إنما يكون مباشرة للحجر، أو للشيء الذي باشر به الاستلام من يد ومحجن وعصا ونحوها، فإن لم يتمكن من الاستلام أشار إليه وكبر من غير تقبيل]، وحكي عن طائفة: أن الزحام عليه أفضل … .، أما النساء فلا يختار لهن الاستلام ولا التقبيل، إذا حاذين الحجر أشرن إليه، … ، فإن أرادت المرأة تقبيل الحجر، فعلت ذلك في الليل عند خلو الطواف.
ثم قال (٤/ ١٣٧): فأما الركنان الآخران اللذان بين الحجر الأسود، وهما العراقي والشامي: فليس من السنة أن يستلمها بل يمر بهما».
• وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٥١) - تعقيباً على حديث عائشة في قواعد البيت -: «وفي هذا الحديث أيضاً: أن رسول الله ﷺ لم يستلم من الأركان إلا ركنين: اليماني، والأسود. وعلى هذا مذهب مالك والشافعي، وفقهاء الحجاز والعراق من أهل الرأي والحديث، ولا أعلم في ذلك خلافاً إلا في الطبقة الأولى من الصحابة ﵃؛ فإنه روي عن جابر بن عبد الله، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنس بن مالك، وعبد الله بن الزبير، والحسن والحسين؛ أنهم كانوا يستلمون الأركان كلها، وروي عن عروة وأبي الشعثاء مثل ذلك، وروي عنهما خلافه. [وانظر أيضاً: التمهيد (٢١/ ٧٦)، وفيه: «وعلى ذلك جماعة