للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأن مجاهدا روى عن ابن عباس عن النبي أنه لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، وأنه أنكر على معاوية استلامه، فلما قال له معاوية: ليس من البيت شيء مهجور، قال له ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. [قُلْتُ: قد ثبت من حديث عمرو بن الحارث، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة، كلهم عن قتادة، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس، عن النبي ].

والذي عليه جماعة فقهاء الأمصار وأهل المعرفة بالآثار استلام الركنين اليمانيين، وذلك لحديث ابن عمر، عن النبي بذلك، وهو حديث لا مطعن لأحد فيه، رواه عن ابن عمر: سالم، ونافع، وعبيد بن جريج، ويوسف بن ماهك، وغيرهم.

والركنان اللذان لا يستلمان هما: الركن الشامي الذي يلي الركن الأسود، والركن الغربي الذي يقابل اليماني، وهما اللذان يليان الحجر.

وقد نهى عمر بن الخطاب يعلى بن أمية، عن استلام الركنين الغربيين وهما هذان المذكوران، وقال عمر ليعلى: لنا في رسول الله [] أسوة حسنة. فحصلت الرواية في ذلك عن النبي ، من حديث ابن عمر، وعبد الله بن عباس، ولا حجة في قول أحد مع السنة الثابتة.

وقال في موضع آخر (٢١/ ٧٦) (١٣/ ٢١٩ - ط الفرقان): «واختلف عن معاوية وابن عباس في ذلك؛ فقال أحدهما: ليس من البيت شيء مهجور، والصحيح عن ابن عباس: أنه كان لا يستلم إلا الركنين الأسود واليماني، وهما المعروفان باليمانيين، وهي السنة».

وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٤٧٣): «وروى أحمد أيضا من طريق: شعبة، عن قتادة، عن أبي الطفيل، قال: حج معاوية وابن عباس، فجعل بن عباس يستلم الأركان كلها، فقال معاوية: إنما استلم رسول الله هذين الركنين اليمانيين، فقال ابن عباس: ليس من أركانه شيء مهجور.

قال عبد الله بن أحمد في العلل: سألت أبي عنه؟ فقال: قلبه شعبة، وقد كان شعبة يقول: الناس يخالفونني في هذا، ولكني سمعته من قتادة هكذا. انتهى.

وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة على الصواب، أخرجه أحمد أيضا. وكذا أخرجه من طريق مجاهد عن ابن عباس نحوه.

وروى الشافعي من طريق محمد بن كعب القرظي: إن ابن عباس كان يمسح الركن اليماني والحجر، وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها، ويقول: ليس شيء من البيت مهجورا، فيقول ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. ولفظ رواية مجاهد المذكورة عن ابن عباس؛ أنه طاف مع معاوية، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا، فقال له ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية: صدقت.

وبهذا يتبين ضعف من حمله على التعدد، وأن اجتهاد كل منهما تغير إلى ما أنكره على

<<  <  ج: ص:  >  >>