فإن قيل: قد سمع خالد الطحان أيضاً قديماً من يزيد، وذكر فيه الشكاية:
فقد قال الخطيب في المدرج (١/ ٣٩٤): «ذكر ترك العود إلى الرفع: ليس بثابت عن النبي ﷺ. فكان يزيد بن أبي زياد يروي هذا الحديث قديماً ولا يذكره، ثم تغير وساء حفظه، فلقنه الكوفيون ذلك فتلقنه، ووصله بمتن الحديث.
وقد روى سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وهشيم بن بشير، وأسباط بن محمد، وخالد بن عبد الله الطحان، وغيرهم من الحفاظ هذا الحديث عن يزيد بن أبي زياد، وليس فيه ترك العود إلى الرفع، وكانوا سمعوه منه قديماً قبل أن زاد فيه ما لقنه إياه الكوفيون من ترك العود إلى الرفع». وذكر ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢٢٠) نحو هذا.
قلت: لعله ذكر ضمن من لم يذكر الزيادة، وإن كان متأخر الطبقة والوفاة، مما يدل على تأخر سماعه، وفي المقابل فإن جرير بن عبد الحميد ممن تأخرت طبقته ووفاته، ومع ذلك فإنه لم يأت بهذه الزيادة المنكرة في هذا الحديث، ولكن يقال: قد تابع هشيماً على ترك الزيادة، وهذا مما يقوي رواية هشيم في ترك الزيادة المنكرة، وأن ذلك من قديم حديث يزيد بن أبي زياد، ثم إنه بعد ذلك زادها.
• فإن قيل: قد نفى أحمد سماع هشيم من يزيد قال ابن أبي حاتم في المراسيل (٨٦٣): «أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إليَّ به، قال: قال أبي: لم يسمع هشيم من عاصم بن كليب، ولا من يزيد بن أبي زياد، ولا من موسى الجهني، ولا من محمد بن جحادة، ولا من أبي خلدة، ولا من سيار، ولا من علي بن زيد، ولا من الحسن بن عبيد الله شيئاً، وقد حدث عنهم، وعن العمري الصغير، ولم يسمع منه».
فيقال: تقدم في كلام النقاد السابق إثبات السماع، وذلك فضلاً عن ثبوت سماع هشيم في الأسانيد من يزيد بن أبي زياد في أحاديث كثيرة، مبثوثة في السنن والمسانيد والمصنفات [انظر مثلاً: فضل الرحيم الودود (١/ ٣٨٢/ ٩٣) و (٨/ ٣٠٣/ ٧٥١) و (١٠/ ٩٧٨/ ٣٨٠) و (٢٥/ ح ١٧٩٢) و (٢٨/ ح ١٨٣٣) و (٢٨/ ح ١٨٣٦)].
نعم؛ قد صرح أحمد في أحاديث بعينها أن هشيماً لم يسمعها من يزيد، ولم يصرح فيها بالسماع، ومثل هذا لا إشكال فيه [انظر مثلاً: العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٢٨٢/ ٢٢٦٢)]، لكن الكلام هنا عن أصل ثبوت السماع، وقد ثبت سماعه في أحاديث كثيرة، يبعد وقوع الوهم فيها جميعاً، مع إعمال عدد من الأئمة لهذا السماع، والقول به، والمثبت مقدم على النافي لما معه من زيادة علم، وأخيراً: فإن هشيماً قد ثبت سماعه من يزيد في هذا الحديث بعينه عند أحمد في المسند، والله أعلم.
• والحاصل: فإن المحفوظ من قديم حديث يزيد بن أبي زياد هذا ما رواه هشيم، وجرير: أن النبي ﷺ طاف بالبيت وهو على بعيره، واستلم الحجر بمحجن كان معه. [فلما طاف أسبوعاً صلى ركعتين].
قال: وأتى السقاية، فقال:«اسقوني»، فقالوا: إن هذا يخوضه الناس، ولكنا نأتيك