وقال في الخلافيات:«وروى يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس ﵄، أن رسول الله ﷺ قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته. وهذه الزيادة لم يتابع عليها. وقد أخرج البخاري في الصحيح من حديث: خالد الحذاء عن عكرمة، دون هذه الزيادة، ويزيد بن أبي زياد: غير محتج به.
وقد بين جابر بن عبد الله ﵄ السبب في طوافه ﷺ في حجة الوداع على راحتله بالبيت، وبالصفا والمروة لليراه الناس، وليُشرف، وليسألوه، فإن الناس غشوه. أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرج أيضاً: عن عائشة ﵄، قالت: طاف رسول الله ﷺ في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره، يستلم الركن؛ كراهية أن يصرف عنه الناس. وروى هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قالت أم سلمة ﵂ لرسول الله ﷺ: إني لم أطف طواف الخروج، فقال: «إذا أقمت الصلاة فطوفي من وراء الناس على بعيرك». والله أعلم.
وقال في المعرفة (٧/ ٢٤٥): «وفي حديث يزيد بن أبي زياد لفظة لم يوافق عليها، وهي قوله: «وهو يشتكي»، وقد بين ابن عباس - في رواية غيره -، وجابر، وعائشة: معنى طوافه على الراحلة، وذلك مذكور في موضعه»، ونبه في موضع آخر (٧/ ٢٥٨) على ضعف هذه الزيادة، بقوله:«ورواه يزيد بن أبي زياد وليس بالقوي، … ».
• قلت: يزيد بن أبي زياد الكوفي، هو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقّن تلقّن، فهو ليس بالقوي؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (٩/ ٣٤٤). الميزان (٤/ ٤٢٣). وقد تقدم الكلام عليه مراراً] [راجع تفصيل القول في يزيد بن أبي زياد: فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٠٠ - ٣١٠/ ٧٥٠) و (٢٥/ ٢٩٠/ ١٧٩٢)].
قلت: وعامة من روى عنه هذا الحديث ممن تأخرت وفاته، مما يدل على تأخر سماعه من يزيد بن أبي زياد سوى هشيم؛ فإنه أقدمهم طبقة وسماعاً من يزيد.
قلت: وهشيم ممن سمع من يزيد قديماً [راجع: فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٠٧/ ٧٥١)]، ومما نقلت في الموضع المشار إليه من الفضل في حديث البراء بن عازب في رفع اليدين: قول الحاكم أبي عبد الله عن يزيد بن أبي زياد: «أنه كان يُذكر بالحفظ في شبابه، فلما كبر ساء حفظه، فكان يخطئ في كثير من رواياته وحديثه، ويقلب الأسانيد، ويزيد في المتون ولا يميز» [مختصر الخلافيات (٢/ ٨٠). البدر المنير (٣/ ٤٨٨)]، وقال البخاري في رفع اليدين (٧٥): «وكذلك روى الحفاظ من سمع من يزيد بن أبي زياد قديماً، منهم: الثوري وشعبة، وزهير، ليس فيه: ثم لم يعد، وقال أبو سعيد الدارمي: «ومما يحقق قول سفيان بن عيينة أنهم لقنوه هذه الكلمة: أن سفيان الثوري وزهير بن معاوية وهشيماً وغيرهم من أهل العلم: لم يجيئوا بها، إنما جاء بها من سمع منه بأخرة» [سنن البيهقي (٢/ ٧٦). مختصر الخلافيات (٢/ ٧٩)].