• ومن أسباب عدم قبول زيادة التقبيل في حديث يزيد بن زريع: أنها تؤسس لأصل جديد لم يرد في الأحاديث الصحاح، ولا فيما ثبت عن الصحابة، وهو تقبيل الشيء المشار به من غير استلام، ولو قلنا به، لقسنا عليه: تقبيل اليد عند الإشارة إلى الحجر، ولم يثبت في معناه حديث ولا أثر، فدل ذلك كله على وقوع الوهم في رواية يزيد بن زريع، والله أعلم.
• وفي المقابل: فقد قبلنا زيادة أبي خالد الأحمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله ﷺ يفعله [أخرجه مسلم (٢٤٦/ ١٢٦٨)]، وقد اشتهر عند الصحابة والتابعين تقبيل اليد بعد استلام الحجر، فقد ثبت عن ابن جريج، عن عطاء، أنه قال: رأيت ابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة، إذا استلموا الركن قبلوا أيديهم، وثبت ذلك عن جمع من فقهاء التابعين، ويشهد له حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: رأيت رسول الله ﷺ يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن [أخرجه مسلم (٢٥٧/ ١٢٧٥)]، وفيه تقبيل المحجن بعد استلام الحجر به، واليد أولى بالتقبيل من المحجن، فلم يؤسس لأصل جديد، والله أعلم.
ب - وروى خالد بن عبد الله الطحان، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن إدريس، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الرحيم بن سليمان، ومحمد بن فضيل [وهم ثقات، أكثرهم أثبات، ويزيد بن عطاء اليشكري لين الحديث]، قالوا:
حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته، كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين [لفظ خالد عند أبي داود].
ولفظ عبد الرحيم [عند الطبري]: قال: طاف رسول الله ﷺ وهو شاك، وهو راكب، معه محجن له، كلما مر بالحجر استلمه بالمحجن، حتى إذا قضى طوافه، نزل فصلى ركعتين.
ولفظ ابن فضيل [عند ابن أبي شيبة، وعنه: عبد بن حميد، والفاكهي، والطبري]: قال: جاء رسول الله ﷺ وقد اشتكى، فطاف بالبيت على بعير ومعه محجن، كلما مر على الحجر استلمه، فلما فرغ من طوافه أناخ، ثم صلى ركعتين. وبنحوه رواه يزيد بن عطاء [عند أحمد (١/ ٣٠٤)].
ولفظ ابن إدريس [عند الطبري]: طاف رسول الله ﷺ في حجته على بعير، وكان يستلم بمحجنه، لأنه كان يشتكي.
ولفظ هشيم [عند أحمد (١/ ٢١٤)، والطبري] [وصرح فيه هشيم بالسماع من يزيد]: أن النبي ﷺ طاف بالبيت وهو على بعيره، واستلم الحجر بمحجن كان معه. فلم يذكر هشيم أن النبي ﷺ كان شاكياً.