للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا حديث قد اضطرب فيه ابن أبي ليلى، اضطرب في إسناده رفعاً ووقفاً، واضطرب في متنه، في مواضع الرفع، وقاله مرة بصيغة الحصر، ومرة بصيغة لا تدل على الحصر، فإن فرضنا أن موضع خطئه في هذا الحديث ينحصر إسناداً في الرفع، وينحصر متناً في صيغة الحصر، وبذا يتفق مع ما رواه عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، موقوفاً: ترفع الأيدي في سبعة مواطن؛ فلا يقتضي حصر الرفع في هذه المواضع دون غيرها، فيدخل فيها مواضع الرفع الأخرى، ولا يتعارض مع ما ثبت عن ابن عباس في إثبات الرفع في غير هذه المواضع، فعندئذ يمكن اعتضاد أحد الطريقين بالآخر في مسألة رفع اليدين عند رؤية البيت، لكن يبقى أنه قول صاحب، لم يؤيده شيء ثبت عن النبي ، لا سيما وكل من روى صفة المنسك عند دخول المسجد والشروع في الطواف: لم يذكر أن النبي رفع يديه، ولو وقع ذلك لنقل، لتوفر الهمم والدواعي لنقله، لاسيما في حجة الوداع، وفي فتح مكة، مع كثرة الناقلين لهاتين الواقعتين من الصحابة، مثل: عائشة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة، فلم يذكر واحد منهم: أن النبي رفع يديه عند رؤية البيت، ولو صح حديث المهاجر عن جابر لكان دليلاً قوياً في المسألة، لكن كما قلت قبل: لا يثبت في الباب شيء إثباتاً ولا نفياً، بل كل الدلائل تشير إلى عدم ثبوت الرفع عن النبي لا في حجة الوداع، ولا في فتح مكة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ب - ورواه محمد بن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ترفع الأيدي في سبعة مواطن: إذا قام إلى الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وفي عرفات، وفي جمع، وعند الجمار.

أخرجه ابن أبي شيبة (٣/٢٢/٢٤٧١) و (٩/ ١١٣/ ١٦٤٨١).

وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد ضعيف؛ عطاء هو ابن السائب، ومحمد بن فضيل ممن سمع منه بعد الاختلاط [انظر: التهذيب (٣/ ١٠٤). شرح العلل (٢/ ٧٣٦).

الكواكب النيرات (٣٩)] [راجع الكلام عن عطاء بن السائب، ومن روى عنه قبل وبعد الاختلاط: فضل الرحيم الودود (٣/ ٢١٦/ ٢٤٩) و (٩/ ٤٣٤/ ٨٦٣) لكن روايته أولى من رواية من رواه عن عطاء به مرفوعاً [انظر: فضل الرحيم الودود (٨/ ٣١٥/ ٧٥٢)].

وهذا الموقوف عن ابن عباس يحتمل الثبوت باجتماع هذين الطريقين، لكون الضعف فيهما يسيراً، لكنه معارض بكثرة ما صح في الباب من أحاديث المناسك التي لم تنقل عن النبي في ذلك شيئاً، فالأولى التوقف عن رفع الأيدي عند رؤية البيت حتى يثبت فيه دليل صحيح يدل على مشروعية هذا الفعل، وفي نفس الأمر فإنه لا يُنكر على المخالف، إذا أخذ بهذا الموقوف، والله أعلم.

٢ - حديث ابن عباس:

قال محمد بن عمر الواقدي في المغازي (٣/ ١٠٩٧): حدثني ابن أبي سبرة، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>