وما أحدٌ منهم يوجه إلينا شيئاً، قال: فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول الله! أُبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» [زاد عند البلاذري: «ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن»]، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته [وعند البلاذري في قرابته]، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله ﷺ حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي، قال رسول الله ﷺ:«يا معشر الأنصار!»، قالوا: لبيك يا رسول الله! قال: «قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟»، قالوا: قد كان ذاك، قال:«كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم والممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله! ما قلنا الذي قلنا إلا الضنَّ بالله وبرسوله، فقال رسول الله ﷺ:«إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم»، قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم [زاد عند البلاذري: ووضعوا سلاحهم]، قال: وأقبل رسول الله ﷺ حتى أقبل إلى الحَجَر فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله ﷺ قوس وهو آخذ بِسِيَةِ القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه، ويقول: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ وفي رواية البلاذري: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: ٨١]، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو لفظ شيبان [عند مسلم، والبلاذري، وابن المنذر بنحوه]. ورواه مسلم من طريق بهز أيضاً؛ فلم يسق متنه وقال: وزاد في الحديث: ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: «احصُدُوهم حَصْداً، وقال في الحديث: قالوا: قلنا ذاك يا رسول الله، قال: فما اسمي إذاً؟ كلا إني عبد الله ورسوله».
وبنحوه رواه بهز وأسد [عند ابن خزيمة، ولم يسقه بتمامه]، ورواه بهز وأبو النضر [مقرونين عند أحمد بنحوه]، وفيه فقال:«اهتف لي بالأنصار، ولا يأتيني إلا أنصاري»، فهتفت بهم، فجاؤوا، فأطافوا برسول الله ﷺ، قال: فقال رسول الله ﷺ: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم؟»، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى:«احصدوهم حصداً، حتى توافوني بالصفا»، وفيه:«من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»، قال: فغلق الناس أبوابهم، وفيه: ثم قال: «يا معشر الأنصار! أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته؟»، قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، قال:«فما اسمي إذاً، كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم»، إلخ الحديث.
وبنحو ما تقدم رواه أبو النضر [عند أبي عبيد، وابن زنجويه]، … ، وفيه:«اهتف لي بالأنصار، ولا يأتيني إلا أنصاري»، … ، وفيه: قال: «ألا ترون أوباش قريش وأتباعها؟»، قال بيديه إحداهما على الأخرى: «احصدوهم حصداً، حتى توافوني