وقال فيه: وبعث رسول الله ﷺ الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأعطاه رايته وأمره أن يغرزها بالحجون، ولا يبرح حيث أمره يغرزها حتى يأتيه، وبعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد فيمن كان أسلم من قضاعة وبني سليم وناس أسلموا قبل ذلك، وأمره أن يدخل من أسفل مكة، وأمره أن يغرز رايته عند أدنى البيوت، … ، واندفع خالد بن الوليد حتى دخل من أسفل مكة، … ، ولما علا رسول الله ﷺ ثنية كداء نظر إلى البارقة على الجبل مع فَضَض المشركين، فقال:«ما هذا؟ وقد نهيت عن القتال» … [هكذا وقع عند البيهقي، وهو كذلك في مغازي موسى بن عقبة برواية ابن أخيه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة (٣/ ١٢٨ - ١٣٢)]، ثم قال البيهقي: وحديث عروة بمعناه. وساق لفظ عروة في الدلائل باختصار وليس فيه موضع الشاهد.
أخرجه البيهقي (٩/ ١٢٠)، وفي الدلائل (٥/٣٦ و ٤١).
وهذا مرسل بإسناد لا بأس به المتابعات، عبد الله بن لهيعة: ضعيف، صالح في المتابعات، وموضع الشاهد فيه صحيح: أن النبي ﷺ دخل مكة من كداء من أعلاها، ودخل خالد بن الوليد من كُدَى من أسفلها.
قال البيهقي:«رواه البخاري في الصحيح عن محمود عن أبي أسامة، وقال في متنه: ودخل عام الفتح من كداء وخرج من كُدى من أعلى مكة، ورواه مسلم عن أبي كريب، وقال في متنه: دخل عام الفتح من كداء من أعلى مكة، لم يذكر العمرة، وذكر قول «هشام».
• وانظر: البداية والنهاية (٦/ ٥٤٩)، ووقع في كلامه خلل.
وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٤٣٧): «قال عياض والقرطبي وغيرهما: اختلف في ضبط كُدَاء وكُدَى، فالأكثر على أن العُليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر، وقيل: بالعكس. قال النووي: وهو غلط، قالوا: واختلف في المعنى الذي لأجله خالف ﷺ بين طريقيه، فقيل: ليتبرك به كل من في طريقه، فذكر شيئاً مما تقدم في العيد، وقد استوعبت ما قيل فيه هناك، وبعضه لا يتأتى اعتباره هنا، والله أعلم.
وقيل: الحكمة في ذلك: المناسبة بجهة العلو عند الدخول، لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه. وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها. وقيل: لأنه ﷺ خرج منها مختفياً في الهجرة، فأراد أن يدخلها ظاهراً عالياً. وقيل: لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلاً للبيت. ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك. والسبب في ذلك: قول أبي سفيان بن حرب للعباس: لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت: ما هذا؟ قال: شيء طلع بقلبي، وأن الله لا يطلع الخيل هناك أبداً، قال العباس: فذكرت أبا سفيان بذلك لما دخل [عزاه ابن الملقن في التوضيح (١١/ ٣٨٥) للطبراني في الأوسط، ولم أقف على إسناده]. وللبيهقي من حديث ابن عمر، قال: قال النبي ﷺ لأبي بكر: «كيف قال حسان؟» … [وهو حديث حسن،