للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالمد، ودخل النبي من كدا، أي: بالقصر، وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية، أن خالداً دخل من أسفل مكة، والنبي من أعلاها. وكذا جزم ابن إسحاق أن خالداً دخل من أسفل، ودخل النبي من أعلاها، وضربت له هناك قبة. وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقاً واضحاً».

وقال ابن الملقن في التوضيح (١١/ ٢٨٢): «وحاصل ما ذكره البخاري أن أكثر روايته في كداء في الابتداء الفتح والمد، وفي الخروج الضم والقصر، مسنداً ومرسلاً، وأن في رواية بالعكس: الضم في الدخول والفتح والمد في الخروج؛ ولهذا قال عبد الحق في جمعه: إنه مقلوب. وكدى بالضم إنما هي السفلى».

وقال أيضاً (١١/ ٢٨٣): «وقال ابن قرقول: وكذا عند عامتهم في حديث عبيد بالفتح، وهو الصواب، إلا أن الأصيلي ذكره عن أبي زيد بالعكس: دخل من كدى، وخالد بن الوليد من كداء، وهو مقلوب».

قلت: وهذا وهم من عبيد بن إسماعيل، قلب الحديث، وإنما دخل رسول الله مكة من أعلاها من كداء، ودخل خالد بن الوليد من أسفلها، من كدى.

• قلت: خالفه فأتى به على الصواب: إبراهيم بن سعيد الجوهري [ثقة حافظ]، وحميد بن الربيع اللخمي [ذاهب الحديث. تقدم الكلام عنه مراراً، راجع مثلاً: فضل الرحيم الودود (١٠/ ٣٦٩/ ٩٧٥) قالا:

حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام، قال: يا أبا عبد الله! أهاهنا أمرك رسول الله أن تركز الراية - يعني: بالحجون؟ قال: ودخل رسول الله من أعلى مكة من [كداء]، ودخل خالد بن الوليد من كُدى، وقُتل يومئذ من خيل خالد رجلان حبيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري. لفظ حميد [عند أبي نعيم الحداد].

ولفظ الجوهري [عند البزار]: قال: سمعت نافع بن جبير، يقول: قال العباس للزبير: أهاهنا أمرك رسول الله أن تركز الراية؟ إنما أمرك أن تركزها بكداء. قال: ودخل رسول الله مكة من أعلاها.

أخرجه البزار (٤/ ١٤٧/ ١٣٢٠)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (٥/٤٠/٣٩٢٣) [وبمتنه تحريف].

قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن العباس إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد».

قلت: ومما يؤكد صواب رواية الجوهري ومن تابعه: أنه جاء في رواية عبيد بن إسماعيل [عند البخاري (٤٢٨٠)]: «وأمر رسول الله أن تركز رايته بالحجون»، يعني: في موضع دخوله من كداء بأعلى مكة، وبهذا تأتلف الروايات الصحيحة ولا تختلف، ويكون بذلك قد وقع قلب في رواية عبيد بن إسماعيل، صوابه وأمر رسول الله أن

<<  <  ج: ص:  >  >>