نص الله تعالى عليه بقوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، وثبت أن النبي ﷺ أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا، ويحلقوا، ويحلوا، ولم يوجب عليه القضاء في الصحيح من المذهب.
• وقال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٣٦٦ - ط عطاآت العلم) متأثرا بمذهب ابن حزم: «وقال البيهقي: … وإن صح حديث الحجاج بن عمرو، فقد حمله بعض أهل العلم، أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج بغير مرض، فقد روينا عن ابن عباس ثابتا عنه؛ أنه قال: لا حصر إلا حصر عدو. تم كلامه.
وقال غيره: معنى حديث الحجاج بن عمرو: أن تحلله بالكسر والعرج إذا كان قد اشترط ذلك في عقد الإحرام، على معنى حديث ضباعة. قالوا: ولو كان الكسر مبيحا للحل لم يكن للاشتراط معنى. قالوا: وأيضا فلا يقول أحد بظاهر هذا الحديث، فإنه لا يحل بمجرد الكسر والعرج، فلا بد من تأويله، فيحمله على ما ذكرناه. قالوا: وأيضا فإنه لا يستفيد بالحل زوال عذره، ولا الانتقال من حاله، بخلاف المحصر بالعدو. وقوله: «وعليه الحج من قابل» هذا إذا لم يكن حج الفرض، فأما إن كان متطوعا فلا شيء عليه غير هدي الإحصار. قال البيهقي: وحديث الحجاج بن عمرو قد اختلف في إسناده، والثابت عن ابن عباس خلافه، وأنه لا حصر إلا حصر العدو. تم كلامه.
قال ابن القيم ﵀: اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم فيمن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو كسر أو عرج هل حكمه حكم المحصر بالعدو في جواز التحلل؟ فروي عن ابن عباس وابن عمر ومروان بن الحكم: أنه لا يحله إلا الطواف بالبيت، وهو قول مالك والشافعي وإسحاق وأحمد في المشهور من مذهبه.
وروي عن ابن مسعود أنه كالمحصر بالعدو، وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإبراهيم النخعي وأبي ثور وأحمد في الرواية الأخرى عنه. ومن حجة هؤلاء: حديث الحجاج وأبي هريرة وابن عباس. قالوا: وهو حديث حسن يحتج بمثله.
قالوا: وأيضا ظاهر القرآن بل صريحه يدل على أن الحصر يكون بالمرض، فإن لفظ الإحصار إنما هو للمرض، يقال: أحصره المرض وحصره العدو، فيكون لفظ الآية صريحا في المريض، وحصر العدو ملحق به، فكيف يثبت الحكم في الفرع دون الأصل؟ …
قالوا: وقولكم: لو كان يحل بالحصر لم يكن للاشتراط معنى. جوابه من وجهين: أحدهما: أنكم لا تقولون بالاشتراط ولا يفيد الشرط عندكم شيئا، فلا يحل عندكم بشرط ولا بدونه، فالحديثان معا حجة عليكم، وأما نحن فعندنا أنه يستفيد بالشرط فائدتين: إحداهما: جواز الإحلال، والثانية: سقوط الدم، فإذا لم يكن شرط استفاد بالعذر الإحلال وحده، وثبت وجوب الدم عليه، فتأثير الاشتراط في سقوط الدم.
وأما قولكم: إن معناه أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج لغير مرض، ففي غاية الضعف، فإنه لا تأثير للكسر ولا للعرج في ذلك، فإن المفوت يحل صحيحا كان