للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحجتهم: حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري، قال: سمعت رسول الله ، يقول: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى».

وهذا يحتمل عند العلماء معنى قوله: «فقد حل»؛ أي: فقد حل له أن يحل بما يحل به المحصر من النحر أو الذبح، لا أنه قد حل بما نزل به من إحرامه، … ، هذا تأويل من ذهب مذهب الكوفيين.

وتأول من ذهب مذهب الحجازيين، أي: فقد حل إذا وصل إلى البيت حلاً كاملاً، وحل له بنفس الكسر والعرج أن يفعل ما شاء من إلقاء التفث ويفتدي».

• وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٢٠٣): «مسألة: قال: وإن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو ذهاب نفقة، بعث بهدي، إن كان معه، ليذبحه بمكة، وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت.

المشهور في المذهب أن من يتعذر عليه الوصول إلى البيت بغير حصر العدو، من مرض أو عرج، أو ذهاب نفقة ونحوه، أنه لا يجوز له التحلل بذلك. روي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، ومروان. وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق.

وعن أحمد رواية أخرى: له التحلل بذلك. روي نحوه عن ابن مسعود، وهو قول عطاء، والنخعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وأبي ثور؛ لأن النبي قال: «من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى». رواه النسائي. ولأنه محصر يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، يحققه أن لفظ الإحصار إنما هو للمرض ونحوه، يقال: أحصره المرض إحصاراً فهو محصر، وحصره العدو حصراً فهو محصور، فيكون اللفظ صريحاً في محل النزاع، وحصر العدو مقيس عليه، ولأنه مصدود عن البيت، أشبه من صده عدو.

ووجه الأولى: أنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله، ولا التخلص من الأذى الذي به، بخلاف حصر العدو، ولأن النبي دخل على ضباعة بنت الزبير، فقالت: إني أريد الحج، وأنا شاكية، فقال: «حجي، واشترطي أن محلي حيث حبستني»، فلو كان المرض يبيح الحل، ما احتاجت إلى شرط، وحديثهم متروك الظاهر، فإن مجرد الكسر والعرج لا يصير به حلالاً، فإن حملوه على أنه يبيح التحلل، حملناه على ما إذا اشترط الحل بذلك، على أن في حديثهم كلاماً، فإنه يرويه ابن عباس، ومذهبه خلافه.

فإن قلنا: يتحلل، فحكمه حكم من أحصر بعدو على ما مضى، وإن قلنا: لا يتحلل، فإنه يقيم على إحرامه، ويبعث ما معه من الهدي ليذبح بمكة، وليس له نحره في مكانه؛ لأنه لم يتحلل، فإن فاته الحج، تحلل بعمرة، كغير المريض».

وكان قال قبل ذلك في إحصار العدو (٥/ ١٩٤): «مسألة؛ قال: وإن حصر بعدو، نحر ما معه من الهدى، وحل. أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين، أو غيرهم، فمنعوه الوصول إلى البيت، ولم يجد طريقاً آمناً، فله التحلل. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>