للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال أبو محمد: لو صح هذا لما كانت فيه حجة؛ لأنه لم يأمر بذلك، ولا أوجبه، وإنما كان يكون عملا عمله، وإنما الطاعة لأمره .

وروينا خبرا فيه: أنه أمر أصحابه بالبدل للهدي، وهذا لا يصح، لأن راويه أبو حاضر الأزدي، وهو مجهول، وبالله تعالى التوفيق».

وقال في الإعراب (٢/ ٧٤٧): «وموهوا في قولهم في المحرم يمرض: أنه يبعث بدنة، ويواعدهم يوما، فإذا كان ذلك اليوم حل؛ برواية بمثل ذلك عن ابن مسعود، وقد جاء عن ابن مسعود أنه يهدي ويحل، وصح هذا عن علي والحسين رضي الله عن جميعهم. وصح عن ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير: لا يحله شيء إلا الطواف بالبيت، فخالفوا كل ذلك لرواية لا يؤيدها نص ولا نظر».

قلت: قد خالف ابن حزم في هذه المسألة جمهور الفقهاء، ولم يأخذ بقول أحد من الصحابة [الذي هم أولى الناس بفهم كلام الله تعالى، ولا يمكن أن يخفى مراد الله تعالى عنهم جميعا، وأن يخفى حكم الله في مسألة تعم بها البلوى عن جميع الصحابة]، ثم هو قد اضطر أيضا لتأويل حديث الحجاج بن عمرو، وعليه: فإن كان حديث الحجاج لابد من تأويله، فتأويله على أحد أقوال الصحابة أولى من غيره، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

• وقال البيهقي في الخلافيات (٣/ ٢٦٠ - اختصار ابن فرح): «عن يحيى بن سعيد، عن مرقع الأسدي، عن أبي ذر ، قال: لم يكن لأحد أن يفسخ حجه إلى عمرة إلا للركب من أصحاب محمد خاصة.

وفي هذا الحديث دلالة عن أبي ذر على أن فسخ الحج إلى العمرة لا يجوز لأحد بعد النبي ، ولا يجوز للمريض فسخ الحج بالعمرة، ولكن يصبر حتى يبرأ فيحج، أو يفوته الحج فيتحلل بعمل عمرة. وهذا هو المراد بفتوى ابن الزبير وغيره، وذلك في رواية مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار، والله أعلم».

قلت: حديث المرقع الأسدي عن أبي ذر: حديث منكر [تقدم تخريجه في الفضل (٢٦/ ٢١٢/ ١٨٠٧) والصواب من حديث أبي ذر: ما رواه جماعة الثقات الحفاظ، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر ، قال: «كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة»، وهذا يمكن حمله على أن إيجاب الفسخ كان على من لم يسق الهدي من أصحاب النبي ، فمن فعل ذلك بعد اقتداء بهم جاز له ذلك، من غير إيجاب ولا إلزام، ولا نقول في ذلك بقول ابن عباس: «من طاف بالبيت فقد حل»، والصواب بين الطرفين: لا نوجب الفسخ، ولا نحرمه؛ بل هو جائز، من شاء فعل، ومن شاء لم يفعل، وأما وجوب الفسخ فقد كان خاصا بأصحاب النبي في حجة الوداع، وعليه يحمل قول أبي ذر، وبهذا تأتلف الأحاديث الصحاح.

قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٣/ ٣٥٨): وقال أحمد بن حنبل: في فسخ الحج

<<  <  ج: ص:  >  >>