ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع من منى، لأنهم فرقوا عمل الحج الذي كانوا قد أحرموا به أولاً في عامين، وكانت الحجة التي فاتت هبار بن الأسود وأصحابه حجة تطوع، وذلك أن أبا أيوب وهبار بن الأسود قد كانا حجا مع رسول الله ﷺ حجة الوداع، فلهذا يكون على من أحرم بحج تطوع ففاته بمرض أو بخطأ من عدد الأيام أن يقضي ما فاته من حجه عاماً آخر بخلاف من حصره العدو عن البيت، هذا لا قضاء عليه، وهذه السنة الثابتة عند أهل المدينة».
وقال الماوردي في الحاوي (٤/ ٣٥٢) تتميماً لما سبق نقله في الإحصار بالعدو في المجلد الرابع والعشرين: «مسألة: قال الشافعي ﵁: ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجباً فيقضي. قال الماوردي: وهذا كما قال، قد ذكرنا أن المحصر إذا تحلل من إحرامه بالهدي والحلاق، فلا قضاء عليه إلا أن تكون حجة الإسلام قد وجبت عليه قبل إحصاره فعليه أداؤها، وإن وجبت عليه في العام الذي أحصر فيه لم يلزمه قضاؤها، وقال أبو حنيفة: على المتحلل بالإحصار القضاء، سواء كان إحرامه فرضاً أو تطوعاً، فإن كان محرماً بحج لزمه أن يقضي حجة وعمرة، وإن كان قارناً قضى حجاً وعمرتين، واستدل على وجوب القضاء برواية عكرمة، قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري، يقول: قال رسول الله ﷺ: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة»، فسألت أبا هريرة وابن عباس، فقالا: صدق؛ ولأن النبي ﷺ لما أحل من عمرته بالإحصار سنة ست بالحديبية، قضاها سنة سبع، فسميت عمرة القضية، وعمرة القضاء، وعمرة القصاص؛ ولأن عائشة ﵂ لا لما حاضت بمكة، قال لها النبي ﷺ:«انقضي عمرتك وأهلي بالحج»، ثم أمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فألزمها قضاء العمرة التي رفضتها، وتحللت منها وكانت في حكم المحصر؛ لأنها لم تقدر على إكمال العمرة؛ لأجل الحيض، ولا أمكنها المقام على العمرة إلى أن تطهر خوفاً من فوات الحج؛ ولأنه خرج من نسكه قبل تمامه فوجب أن يلزمه القضاء، كالفائت، ولأن الحصر نوعان: عام، وخاص، فلما لزمه القضاء بالتحلل من الحصر الخاص، وجب أن يلزمه بالتحلل من الحصر العام، ودليلنا: قوله ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي﴾، فذكر الإحصار، وبين حكمه وهو الهدي، فدل تعالى: أنه لا موجب له غيره، واستدل الشافعي بأن النبي ﷺ أحصر بالعمرة سنة ست، وأحصر معه أصحابه وكانوا ألفاً وأربعمائة، ثم تحللوا معه، فلما كان في السنة المقبلة، وهي سنة سبع خرج للقضاء، وخرج معه ناس من الصحابة، أكثر ما قيل: سبعمائة، فموضع الدليل من هذا، هو أن القضاء لو كان يلزمهم لذكره النبي ﷺ لهم ليخرج معه جميعهم؛ لأن من أوجبه على الفور منع من التراخي، ومن جعله على التراخي منع أن يجيز التأخير في ذلك العام؛ لأن مكة كانت إذ ذاك دار شرك، وكان القضاء في غير العام الذي قضى فيه النبي ﷺ غير ممكن، فلما لم يخرجوا وأقرهم النبي ﷺ على ترك الخروج، دل على أن القضاء غير واجب، وروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما قالا: لا قضاء على المحصر،