للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقال قائل: فما معنى قول رسول الله : «من كسر أو عَرَجَ فقد حَلَّ؟ أعلى أنه إذا كسر أو عَرَجَ فقد حَلَّ وخرج من حرمة الإحرام؟ أو على غير ذلك؟ فقيل له: معناه عندنا في ذلك - والله أعلم - أي: فقد حَلَّ له أن يحل، … ، والدليل على صحة هذا التأويل: أن عبد الله بن عباس قد صدق الحجاج بن عمرو الأنصاري على هذا الحديث، ثم قال من رأيه في الإحصار ما قد رويناه في هذا الباب». وبنحو هذا قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن [(١/ ٣٣٥)].

وقال الخرقي في مختصره (٥٧): «وإن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو ذهاب نفقة بعث بهدي إن كان معه ليذبح بمكة، وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت، فإن قال: أنا أرفض إحرامي وأحل، فلبس المخيط، وذبح الصيد، وعمل ما يعمله الحلال، كان عليه في كل فعل فعله دم، وكان على إحرامه، وإن كان وطئ فعليه للوطء بدنة، مع ما يجب عليه من الدماء، ويمضي في حج فاسد، ويحج من قابل، والله أعلم بالصواب».

وقال الخطابي في المعالم [(٢/ ١٨٨)]: قلت: في هذا الحديث حجة لمن رأى الاحصار بالمرض والعذر يعرض للمحرم من غير حبس العدو، وهو مذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وقد روي ذلك عن عطاء وعروة والنخعي.

وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا حصر إلا حصر العدو، وقد روي ذلك عن ابن عباس، وروي معناه أيضاً عن ابن عمر، وعلل بعضهم حديث الحجاج بن عمرو بأنه قد ثبت عن ابن عباس؛ أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو، فكيف يصدق الحجاج فيما رواه من أن الكسر حصر، وتأوله بعضهم على أنه إنما يحل بالكسر والعرج إذا كان قد اشترط ذلك في عقد الإحرام على معنى حديث ضباعة بنت الزبير، قالوا: ولو كان الكسر عذراً لم يكن لاشتراطها معنى، ولا كانت بها إلى ذلك حاجة، وأما قوله: وعليه الحج من قابل؛ فإنما هذا فيمن كان حجه عن فرض، فأما المتطوع بالحج إذا أحصر فلا شيء عليه غير هدي الإحصار، وهذا على مذهب مالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي عليه حجة وعمرة، وهو قول النخعي، وعن مجاهد، والشعبي، وعكرمة: عليه حجة من قابل».

وقال القنازعي في تفسير الموطأ [(٢/ ٦٣٢)]: «قال ابن القاسم: المحصر عن الحج بمرض لا يحله من إحرامه إلا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، وإن أقام في مرضه سنين وعليه حج قابل والهدي.

قال عبد الرحمن: هذا حكم كل من حبس عن البيت بعد أن أحرم بحج؛ إذا كان حبسه بمرض، أو فاته الوقوف بعرفة مع الناس بخطأ من عدد الأيام، أو خفي عليه هلال ذي الحجة فلم يدرك الوقوف مع الناس، وبهذا أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود ومن كان معهما حين فاتهما الوقوف مع الناس بعرفة، أمرهم أن يحلوا بعمرة، فإذا كان عاماً قابلاً حجوا، وعلى كل واحد منهم الهدي، فمن لم يجد هدياً صام

<<  <  ج: ص:  >  >>