وقال في موضع آخر أشبهها بالقياس إذا أمر بالرجوع للخوف أن لا يؤمر بالمقام للصيام، والصوم يجزئه في كل مكان، قال المزني: القياس عنده حق، وقد زعم أن هذا أشبه بالقياس، والصوم عنده إذا لم يجد الهدي أن تقوم الشاة دراهم، ثم الدراهم طعاماً، ثم يصوم عن كل مد يوماً. [ثم احتج بقول ابن عباس، وابن عمر].
وقال: فيقيم على حرمه، فإن أدرك الحج، وإلا طاف وسعى، وعليه الحج من قابل، وما استيسر من الهدي، فإن كان معتمراً أجزأه، لا وقت للعمرة يفوت.
والفرق بين المحصر بالعدو والمرض: أن المحصر بالعدو خائف القتل إن أقام، وقد رخص لمن لقي المشركين أن يتحرف لقتال أو يتحيز إلى فئة، فينتقل بالرجوع من خوف قتل إلى أمن، والمريض حاله واحدة في التقدم والرجوع والإحلال رخصة، فلا تعدى بها موضعها؛ كما أن المسح على الخفين رخصة، فلم يقس عليه مسح عمامة ولا قفازين، وإن جاز أن يقاس حل المريض على حصر العدو؛ جاز أن يقاس حل خاطئ الطريق ومخطئ العدد حتى يفوته الحج على حصر العدو، وبالله التوفيق».
• قلت: الذي دل عليه حديث جابر وابن عمر والمسور في الإحصار بالحديبية: أن النبي ﷺ لم يأمر أحداً ممن لم يجد الهدي بصوم ولا إطعام، ولا أمره بأن يهدي إذا قدر بعد ذلك، بل حل من وجد الهدي بنحره، ومن لم يجد فلا حرج عليه في الإحلال دون أن يلزمه شيء زائد، ولا أمر أحداً منهم بالقضاء.
• وقال ابن عبد الحكم في المختصر الصغير (٤٨٨): «ومن حصره العدو عن البيت فإنه يحل من كل شيء، وينحر، ويحلق في الحرم وغيره وينصرف، ومن أحصر بمرض أو غيره فلا يحل حتى يطوف بالبيت» [وانظر: شرح المختصر الكبير لأبي بكر الأبهري (١/ ٤١٤/ ٤٠٠ - ٤٠٧)]
• وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب (٥/ ٧٦) في أثر ابن مسعود أنه يحل إذا ذبح الهدي بمكة: «وفى هذا الحديث من الفقه: أنه جعل المرض إحصاراً كحصر العدو، وأجاز ذلك في العمرة، وقد كان بعض أهل العلم لا يرى للمعتمر رخصة في الإحصار، يقول: لا يزال مقيماً على إحصاره محرماً حتى يطوف بالبيت، يذهب إلى أن العمرة لا وقت لها كوقت الحج، وقول عبد الله [يعني: ابن مسعود] هو عندنا الذي عليه العمل».
• وقال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (١١٧٢): «قلت: أيما أقوى في المذهب: «لا حصر إلا حصر العدو»، وقول ابن مسعود:«اجعلوا بينكم وبينهم يوم أمار»؟
قال: أذهب أنه لا حصر إلا حصر العدو، وحديث النبي ﷺ، حديث ابن عمر: أصنع كما صنع رسول الله ﷺ، يعني: أن النبي ﷺ لما منعه المشركون ذبح وحلق ورجع.
وقال: ابن عمر لا يختلف عنه، وابن عباس يختلف عنه، يعني: في الحصر».
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (٧٣١): وسئل عن الرجل يفرض الحج، فيمنعه