للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحلقوا رؤوسهم، وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يُعلم أن رسول الله أمر أحداً من أصحابه، ولا ممن كان معه، أن يقضوا شيئاً، ولا يعودوا لشيء».

وقال الشافعي في الأم (٣/ ٣٩٨): «قال الله ﷿: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ الآية.

قال الشافعي: فلم أسمع ممن حفظت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفاً في أن هذه الآية نزلت بالحديبية حين أحصر النبي فحال المشركون بينه وبين البيت، وأن رسول الله نحر بالحديبية، وحلق ورجع حلالاً، ولم يصل إلى البيت ولا أصحابه؛ إلا عثمان بن عفان وحده، … »، إلى أن قال: «يشبه - والله أعلم - أن لا يكون على المحصر بعدو قضاء؛ لأن الله تعالى لم يذكر عليه قضاء، وذكر فرائض في الإحرام بعد ذكر أمره.

قال: والذي أعقل في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية، وذلك أنا قد علمنا في متواطئ أحاديثهم أن قد كان مع رسول الله عام الحديبية رجال يُعرفون بأسمائهم، ثم اعتمر رسول الله عمرة القضية، وتخلف بعضهم بالحديبية من غير ضرورة في نفس ولا مال علمته، ولو لزمهم القضاء لأمرهم رسول الله إن شاء الله تعالى - أن لا يتخلفوا عنه، وما تخلفوا عن أمر رسول الله ».

ثم قال: «والذي نذهب إليه من هذا: أنها سميت عمرة القصاص، وعمرة القضية؛ أن الله ﷿ اقتص لرسول الله فدخل عليهم كما منعوه، لا على أن ذلك وجب عليه».

وقال القاضي أبو يعلى الفراء في التعليقة الكبيرة (٢/ ٤٧٤): «إذا أحصر في حج التطوع، فحل منه بالهدي، لم يلزمه القضاء في أصح الروايتين:

نص عليه في رواية أبي طالب، فيما أخرجه النجاد، فقال: فإن حصر بعدو، ينحر الهدي، ويحل، كما فعل النبي ، فقيل له: فعليه القضاء؟ فقال: لم أسمع فيه قضاء، يحل ويرجع، كما فعل النبي . وقال في رواية ابن القاسم: لا يُعيد من أحصر بعدو حجاً ولا عمرة، إلا أن يكون رجلاً لم يحج قط. وقال أيضاً في رواية الميموني: إذا حصره العدو نحر الهدي مكانه، وليس عليه شيء أكثر من هذا». ثم ذكر رواية أخرى عن أحمد، وهي وجوب القضاء، ثم قال: «وجه الأولى: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾، وتقدير الآية: فإن أحصرتم، فأردتم التحلل، فما استيسر من الهدي، فأوجب الهدي، ولم يوجب القضاء، فلو كان واجباً لبينه، وأمر به، كما أمر بالهدي».

وقال ابن المنذر في الإقناع (١/ ٢٣٥): «فإذا أحصر المرء المحرم بعدو فله أن يحل ويرجع، يقدم الذبح قبل الحلق، ثم يحلق أو يقصر، وليس عليه قضاء؛ إلا أن لا يكون حج حجة الإسلام فيحجها».

وقال عبد الرحمن القنازعي في تفسير الموطأ (٢/ ٦٣٢): «من حصره العدو عن البيت، لا قضاء عليه، وهذه السنة الثابتة عند أهل المدينة» [بتصرف].

<<  <  ج: ص:  >  >>