رسول الله ﷺ يقضي بقضاء في الزرع بضمانه، والمسلمون يقضون فيما كان محرماً أن يتلف بقيمته، فقضيت في الصيد من الطائر بقيمته، بأنه محرم في الكتاب، وقياساً على السنة والإجماع، … ، ولا أرى في الطائر إلا قيمته بالآثار والقياس».
وقال أيضاً (٣/ ٥١٠): «الضوع: طائر دون الحمام، وليس يقع عليه اسم الحمام، ففيه قيمته، وفي كل طائر أصابه المحرم غير حمام، ففيه قيمته كان أكبر من الحمام أو أصغر، وذلك أن الله ﵎ قال في الصيد: ﴿فَجَزَاءُ مِثْلُ مَا قَتَلَ﴾، فخرج الطائر من أن يكون له مثل، وكان معروفاً بأنه داخل في التحريم، فالمثل فيه بالقيمة إذا كان لا مثل له من النعم، وفيه أن هذا قياس على قول عمر وابن عباس في الجرادة وقول من وافقهم فيها».
وقال أيضاً (٣/ ٥٣١): «صيد البر ثلاثة أصناف: صنف يؤكل، وكل ما أكل منه فهو صنفان طائر ودواب، فما أصاب من الدواب نظر إلى أقرب الأشياء من المقتول من الصيد شبهاً من النعم والنعم: الإبل والبقر والغنم، فيجزى به، ففي النعامة بدنة، وفي بقرة الوحش بقرة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الثَّيْتَل بقرة، وفي الغزال عنز، وفي الضبع كبش، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة، وفي صغار أولادها صغار أولاد هذه، فإذا أصيب من هذا أعور أو مكسور فدى مثله أعور أو مكسوراً، وأن يفديه بصحيح أحب إلي».
ثم ذكر في الطير: أن في الحمامة شاة اتباعاً للأثر، وفيما عداه من الطير قيمته. ثم قال (٣/ ٥٣٩): «وما لا يؤكل لحمه من الصيد صنفان: صنف عدو عاد، ففيه ضرر، وفيه أنه لا يؤكل، فيقتله المحرم، وذلك مثل: الأسد، والذئب، والنمر، والغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، ويبدأ هذا المحرم ويقتل صغاره وكباره، لأنه صنف مباح، ويبتدئه وإن لم يضره، وصنف لا يؤكل ولا ضرر له: مثل: البغاثة، والرخمة، والحكاء، والقطا، والخنافس، والجعلان، ولا أعلم في مثل هذا قضاء، فأمره بابتدائه، وإن قتله فلا فدية عليه، لأنه ليس من الصيد».
• وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٧٧٨): «سألت أبي عن المحرم يصيب الصيد؟ قال: يحكم عليه بمثله، فجزاء مثل ما قتل من النعم في الظبي شاة، وفي النعامة بدنة، وفي الحمامة شاة حكم بها ابن عباس، وفي الضبع كبش، يروى عن النبي ﷺ».
• وقال ابن المنذر في الإقناع (١/ ٢١٥): «قال الله ﷿ ذكره: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾، فقتل الصيد وجرحه وإتلافه حرام على المحرم، وإذا قتل المحرم صيداً عمداً فعليه جزاؤه، وليس ذلك على من قتله خطأ، كذلك قال ابن عباس، وعلى من قتل الصيد في الإحرام مرة بعد مرة الجزاء في كل مرة، وهو بالخيار بين الهدي والطعام والصيام، موسراً كان أو معسراً، فإن شاء ذبح إن كان للصيد مثل [من] النعم، وإن شاء قوم الهدي دراهم، وقوم الدراهم طعاماً، وأعطى كل مسكين مدين من الطعام، وإن شاء صام مكان كل مدين يوماً، كذلك قال ابن عباس.