عمير: مضطرب جداً في حديثه، اختلف عنه الحفاظ. يعني: فيما رووا عنه».
وقال أيضاً (٣٦٥): «عبد الملك: مضطرب الحديث، قَلَّ حديث يرفعه لا يختلف فيه. قيل: مَنْ أكبر من روى عنه؟ قال: أبو عوانة».
وقال علي بن الحسن الهسنجاني: سمعت أحمد بن حنبل، يقول:«عبد الملك بن عمير: مضطرب الحديث جداً مع قلة حديثه، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها» [الجرح والتعديل (٥/ ٣٦١)].
وروى إسحاق بن منصور، عن أحمد بن حنبل؛ أنه ضعف عبد الملك بن عمير جداً، وعن يحيى بن معين قال:«عبد الملك بن عمير مخلط»، وقال أبو حاتم:«ليس بحافظ، هو صالح، تغير حفظه قبل موته»، وذكر الدارقطني حديثاً اختلف فيه على عبد الملك بن عمير اختلافاً كثيراً، ثم قال:«ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير، لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد، والله أعلم»، وقال النسائي:«ليس به بأس»، وقد وثقه ابن نمير، وابن معين - في رواية ابن البرقي عنه ـ، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات [انظر: المعرفة والتاريخ (٣/ ٨٧). الجرح والتعديل (١/ ٧٠) و (٥/ ٣٦٠). علل الدارقطني (٢/ ١٢٥/ ١٥٥). السير (٥/ ٤٣٨). تاريخ الإسلام (٣/ ٦٨٨). الميزان (٢/ ٦٦٠). إكمال مغلطاي (٨/ ٣٢٩). التهذيب (٨/ ٤١٠ - ط دار البر)].
وهذه الزيادة من سؤال عمر قبيصة عن العمد والخطأ: لا تثبت في هذا الحديث، حيث تفرد بها عبد الملك، وقد اختلف الثقات عليه فيها، وقد رواه الشعبي عن قبيصة بدونها، كما رواه ابن سيرين وبكر المزني بدونها أيضاً، بل حمل جماعة من الفقهاء هذا الأثر على الحكم بالجزاء على من قتل الصيد خطأ.
وقد سئل ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر عن جزاء الصيد؛ فلم يستفصل واحد منهم هل كان ذلك عن خطأ أم عن عمد، وإنما حكموا عليه بجزاء الصيد دون استفصال، وكذلك في حديث جابر لما سأل النبي ﷺ عن الضبع، فأجابه بأن فيه كبشاً إذا أصابه المحرم، ولم يشترط أن يكون ذلك عن عمد، ولم يستثن الخطأ من ذلك، والله أعلم.
قال الطحاوي في أحكام القرآن (٢/ ٢٧٦): «فهذا عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، كلهم قد أجاب فيما يصيبه المحرم بوجوب الجزاء، ولم يسأل أحد منهم عن عمد في ذلك، ولا عن خطأ، فلا يكون ذلك إلا لاستواء الحكم عندهم في ذلك، ثم السنة الثابتة عن رسول الله ﷺ تدل على هذا المعنى أيضاً»، ثم استدل بحديث جابر في الضبع، ثم قال:«فلما جعل رسول الله ﷺ على المحرم الجزاء في الضبع إذا أصابها، ولم يذكر في ذلك عمداً ولا خطأ، ثبت بذلك أن إصابته إياها عمداً أو خطأ سواء في وجوب الجزاء عليه، ولو كانا مختلفين لذكر العمد في ذلك». [راجع أقوال الفقهاء في المسألة، في موضعها السابق، في حكم العمد والخطأ].